القراءة الأولى: (تكوين 11/ 1-9)
وكانَتِ الأَرضُ كُلُّها لُغَةً واحِدة وكَلامًا واحدًا. وكانَ أَنَّهم لَمَّا رَحَلوا مِنَ المَشرِق وَجَدوا سَهْلاً في أَرضِ شِنْعار فأَقاموا هُناك. وقالَ بَعضُهم لِبَعض: ((تَعالَوا نَصنَعْ لَبِنًا ولْنُحرِقْه حَرْقًا)). فكانَ لَهمُ اللَّبِنُ بَدَلَ الحِجارة، والحُمَرُ كانَ لَهم بَدَلَ الطِّين. وقالوا: ((تَعالَوا نَبْنِ لَنا مَدينةً وبُرْجًا رَأسُه في السَّماء، ونُقِمْ لنا اسْمًا كَي لا نَتَفَرَّقَ على وَجهِ الأَرضِ كُلِّها)). فنَزَلَ الرَّبُّ لِيَرى المَدينةَ والبُرجَ اللَّذَينِ بَناهُما بَنو آدم. وقالَ الرَّبّ: ((هُوَذا هُم شَعبٌ واحِد ولجَميعِهم لُغَةٌ واحِدة، وهذا ما أَخَذوا يَفعَلونَه. والآنَ لا يَكُفُّونَ عَمَّا هَمُّوا بِه حتَّى يَصنَعوه. فلْننزِلْ ونُبَلْبِلْ هُناكَ لُغَتَهم، حتَّى لا يَفهَمَ بَعضُهم لُغَةَ بَعض)). فَفَرَّقَهمُ الرَّبُّ مِن هُناكَ على وَجهِ الأَرض كُلِّها، فكَفُّوا عن بِناءِ المدينة. ولِذلِكَ سُمِّيَت بابِل، لأنَّ الرَّبَّ هُناكَ بَلبَلَ لُغَةَ الأَرضِ كُلِّها. ومِن هُناكَ فَرَّقهمُ الرَّبُّ على وَجهِ الأَرضِ كُلِّها.
القراءة الثانية: (يشوع 6/ 27-7/ 15)
وكانَ الرَّبُّ مع يَشوع، وذاعَ خَبَرُه في تلك الأَرْضِ كُلِّها. وخالَفَ بَنو إِسْرائيلَ أَمرَ المُحَرَّم، فأَخَذَ عاكانُ بنُ كَرْمي بنَ زبْدي بنَ زارَح، مِن سِبطِ يَهوذا، مِنَ المُحَرَّم، فاتَّقَدَ غَضبُ الرَّبِّ على بَني إِسْرائيل. وأَرسَلَ يَشوعُ قَوسًا مِن أَريحا إِلى العَيِّ الَّتي عِندَ بَيتِ آوِن، شَرقِيَّ بَيتَ إِيل، وكَلَّمَهم قائِلاً: ((إِصعَدوا وتَجَسَّسوا الأَرْض)). فصَعِدَ القَومُ وتَجَسَّسوا العَيّ. ثُمَّ عادوا إِلى يَشوعَ فقالوا له: ((لا يَصْعَد كُلُّ الشَّعْب، بل يَصعَدْ نَحوُ أَلَفَي رَجُلٍ أَو ثَلاثَةِ آلافِ رَجُل، ويضرِبوا العَيّ. لا تُكَلِّفْ كُلَّ الشَّعْبَ إِلى هُناكَ، فإِنَّ أَهلَها قَلائِل)). فصَعِدَ مِنَ الشَّعبِ نَحوُ ثَلاثَةِ آلافِ رَجُل، فانهَزَموا تُجاهَ رِجالِ العَيّ. وقَتَلَ مِنهم رِجالُ العَيِّ نَحوَ سِتَّةٍ وثَلاثينَ رَجُلاً وطَارَدوهم مِن قُدَّامِ البابِ إلى شَباريم، ثُمَّ ضرَبوهم في المُنحَدَر. فذابَ قَلبُ الشَّعْبِ وصارَ مِثل الماء. فمَزَّقَ يَشوعُ ثِيابَه وسَقَطَ على وَجهِه إِلى الأَرْضِ قُدَّامَ تابوتِ الرَّبِّ إِلى المَساء، هو وشُيوخُ إِسْرائيل، ووَضَعوا التُّرابَ على رُؤُوسِهم. وقالَ يَشوع: ((آه، أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ، لِماذا عبَرتَ هذا الشَّعبَ الأُردُنَّ عُبورًا لِتُسلِمَنا إِلى يَدِ الأَمورِيّ، حتَّى يُبيدَنا؟ يا لَيتَنا كُنَّا ارتَضينا وأَقَمْنا بِعِبرِ الأُردُنّ! أيّها السَّيِّد، ماذا أَقولُ بَعدَما وَلَّى إِسْرائيلُ مُدبِرًا مِن وُجوه أَعْدائِه؟ يَسمَعُ الكَنْعانِيُّ وجَميعُ سُكَّانِ الأَرضِ فيُحيطونَ بِنَا وَيمْحونَ اسمَنا مِنَ الأَرْض. فماذا تَصنعُ لاسمِكَ العَظيم؟)). فقالَ الرَّبُّ لِيَشوع: ((قُمْ، فلِماذا أَنتَ ساقِطٌ على وَجهِكَ؟ قد خَطِئَ إِسْرائيلُ وتَعَدَّى عَهدِيَ الَّذي أَمَرتُه بِه، وأَخَذَ مِنَ المُحَرَّم، بل سَرَقَ وأَخفَى وجَعَلَ في أَمتِعَتِه، فلَن يَقدِرَ بَنو إِسْرائيلَ أَن يَثبُتوا أَمامَ أَعْدائِهم، بل يُوَلُّونَ مُدبرينَ مِن وَجهِ أَعْدائِهم، لأَنَّهم قد صاروا مُحَرَّمين، فلا أَعودُ أَكونُ معَكم، ما لم تَستَأصِلوا المُحَرَّمَ مِن وَسْطِكُم. قُمْ فقَدِّسِ الشَّعبَ وقُلْ: تَقَدَّسوا لِلغَد، فإِنَّه هكذا قالَ الرَّبُّ، إِلهُ إِسْرائيل: المُحَرَّمُ فيما بَينَكم يا إِسْرائيل، فلا تَقدِرونَ أَن تَثبُتوا أَمامَ أَعْدائِكم، حتَّى تُبعِدوا المُحَرَّمَ مِن وَسْطِكم. فإذا أَصبَحتُم، فتَقَدَّموا بِأَسباطِكم، فيَكونَ أَنَّ السِّبطَ الَّذي يَخْتاُره الرَّبُّ بِالقُرْعةِ يَتَقَدَّمُ بِعَشائِرِه، والعَشيرَةُ الَّتي يَخْتارُها الرَّبُّ بِالقُرعَةِ تَتَقَدَّمُ بِبُيوتها، والبَيتُ الَّذي يَخْتاُره الرَّبُّ بِالقُرْعةِ يَتَقَدَّمُ برِجالِه، ويَكونَ أَنَّ المُخْتارَ بِالقُرعةِ فِي أًمرِ المُحَرَّم يُحرَقُ بِالنَّار، هو وكُلُّ ما لَه، لأَنَّه تَعَدَّى عَهدَ الرَّبّ، وصَنعً مُنكَرًا في إِسْرائيل)).
الرسالة: (روما 8/ 12-27)
فنَحنُ إِذًا أَيُّها الإِخوَةُ علَينا حَقٌّ، ولكِن لا لِلجَسَدِ لِنَحْيا حَياةَ الجَسَد، لأَنَّكم إِذا حَيِيتُم حَياةَ الجَسدِ تَموتون، أَمَّا إِذا أَمَتُّم بِالرُّوحِ أَعمالَ الجَسَدِ فسَتَحيَون. إِنَّ الَّذينَ يَنقادونَ لِرُوحِ الله يَكونونَ أَبناءَ اللهِ حَقًّا. لم تَتلَقَّوا روحَ عُبودِيَّةٍ لِتَعودوا إلى الخَوف، بل روحَ تَبَنٍّ بِه نُنادي: أَبًّا، يا أَبَتِ!. وهذا الرُّوحُ نَفْسُه يَشْهَدُ مع أَرواحِنا بِأَنَّنا أَبناءُ الله. فإِذا كُنَّا أَبْناءَ الله فنَحنُ وَرَثة: وَرَثَةُ اللهِ وشُرَكاءُ المسيحِ في المِيراث، لأَنَّنا، إِذا شارَكْناه في آلامِه، نُشارِكُه في مَجْدِه أَيضًا. وأَرى أَنَّ آلامَ الزَّمَنِ الحاضِرِ لا تُعادِلُ المَجدَ الَّذي سيَتَجَلَّى فينا. فالخَليقةُ تَنتَظِرُ بِفارِغِ الصَّبْرِ تَجَلِّيَ أَبناءِ اللّه. فقد أُخضِعَت لِلباطِل، لا طَوْعًا مِنها، بل بِسُلطانِ الَّذي أَخضَعَها، ومع ذلك لم تَقطَعِ الرَّجاء، لأَنَّها هي أَيضاً ستُحَرَّرُ مِن عُبودِيَّةِ الفَسادِ لِتُشاركَ أَبناءَ اللهِ في حُرِّيَّتِهم ومَجْدِهم. فإِنَّنا نَعلَمُ أَنَّ الخَليقةَ جَمْعاءَ تَئِنُّ إلى اليَومِ مِن آلامِ المَخاض، ولَيسَت وَحْدَها، بل نَحنُ الَّذينَ لَنا باكورةُ الرُّوحِ نَئِنُّ في البَاطِن مُنتظِرينَ التَّبَنِّي، أَيِ افتِداءَ أَجسادِنا، لأَنَّنا في الرَّجاءِ نِلْنا الخَلاص، فإِذا شُوهِدَ ما يُرجى لم يَكُن رَجاء، وما يُشاهِدُه المَرءُ فَكيفَ يَرجوه أَيضاً؟ ولكِن إِذا كُنَّا نَرْجو ما لا نُشاهِدُه فبِالثَّباتِ نَنتَظِرُه. وكَذلِكَ فإِنَّ الرُّوحَ أَيضاً يَأتي لِنَجدَةِ ضُعْفِنا لأَنَّنا لا نُحسِنُ الصَّلاةَ كما يَجب، ولكِنَّ الرُّوحَ نَفسَه يَشفَعُ لَنا بأَنَّاتٍ لا تُوصَف. والَّذي يَختَبِرُ القُلوب يَعلَمُ ما هو نُزوعُ الرُّوح فإِنَّهُ يَشفَعُ لِلقِدِّيسينَ بما يُوافِقُ مَشيئَةَ الله.
الإنجيل: (متى 21/ 23-32)
ودخَلَ الهَيكل، فَدنا إِلَيه عُظَماءُ الكَهَنَةِ وشُيوخُ الشَّعبِ وهَو يُعَلِّمُ وقالوا لَه: ((بِأَيِّ سُلطانٍ تَعمَلُ هذِه الأَعمال؟ ومَن أَولاكَ هذا السُّلطان؟)) فأَجابَهم يسوع: ((وأنا أسأَلُكم سُؤالاً واحِداً، إن أَجَبتُموني عَنه، قُلتُ لَكم بِأَيِّ سُلطانٍ أَعمَلُ هذه الأعْمال: مِن أَينَ جاءت مَعمودِيَّةُ يوحَنَّا: أَمِنَ السَّماء أَم مِنَ النَّاس؟)) فقالوا في أَنفُسِهم: ((إن قُلْنا: مِنَ السَّماء، يَقولُ لَنا: فلِماذا لم تُؤمِنوا بِه؟ وإن قُلْنا مِنَ النَّاس، نَخافُ الجَمعْ، لأَنَّهم كُلَّهم يَعُدُّونَ يوحَنَّا نَبِيّاً)). فأَجابوا يسوع: ((لا نَدري)). فقالَ لَهم: ((وأَنا لا أَقولُ لَكم بِأَيِّ سُلطانٍ أَعمَلُ هذهِ الأَعمال)). ((ما رَأيُكم؟ كانَ لِرَجُلٍ ابنان. فدَنا مِنَ الأول وقالَ له: ((يا بُنَيَّ، اِذهَبِ اليَومَ واعمَلْ في الكَرْم)). فأَجابَه: ((لا أُريد)). ولكِنَّه نَدِمَ بَعدَ ذلك فذَهَب. ودَنا مِنَ الآخَرِ وقالَ لَه مِثلَ ذلك. فَأَجابَ: ((ها إِنِّي ذاهبٌ يا سيِّد!)) ولكنَّه لم يَذهَبْ. فأَيُّهما عَمِلَ بِمَشيئَةِ أَبيه؟)) فقالوا)) الأول((. قالَ لَهم يسوع: ))لحَقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إِلى مَلَكوتِ الله. فَقَد جاءَكُم يوحَنَّا سالِكاً طريقَ البِرّ، فلَم تُؤمِنوا بِه، وأَمَّا الجُباة والبَغايا فآمَنوا بِه. وأَنتُم رَأَيتُم ذلك، فلَم تَندَموا آخِرَ الأَمرِ فتُؤمِنوا بِه.
التعليقات مغلقة.