القراءة الأولى: (إشعيا 63/ 17-64/ 11)
لِمَ ضَلَّلتَنا يارَبُّ عن طُرُقِكَ وقَسَّيتَ قُلوبَنا عن خَشيَتِكَ؟ إِرجِعْ إِلَينا مِن أَجْلِ عَبيدِكَ أَسْباطِ ميراثِكَ. وَقتاً قَليلاً وَرِثَ شَعبُ قُدسِكَ أَعْداؤُنا داسوا مَقدِسَكَ. مِن زَمَنٍ بَعيدٍ لم تَتَسَلَّطْ علَينا ولم نُدعَ باسمِك. لَيتَكَ تَشُقَّ السَّمواتِ وتَنزِل فتَسيلُ الجِبالُ مِن وَجهِكَ كما تُضرِمُ النارُّ الهَشيم وتُغْلي النَّارُ المِياه لِكَي تُعَرِّفَ خُصومَكَ اسمَكَ فتَرتَعِدَ الأُمَمُ مِن وَجهِكَ حينَ تَصنعُ مَخاوِفَ لم نَنْتَظِرْها ( نَزلتَ ومِن وَجهِكَ سالتِ الجِبال ). مُنذُ الأَزَلِ لم يَسمَعوا ولم يُصْغوا ولم تَرَ عَينٌ إِلهاً ما خَلاكَ يَعمَلُ لِلَّذينَ يَنتَظِرونَه. لاقَيتَ المَسْرورَ بِعَمَلِ البِرّ أُولِئكَ الَّذينَ يَذكُرونَكَ في طُرُقِكَ. لكِنَّكَ غَضِبتَ لِأَنَّنا خَطِئْنا ولكِنَّنا مُنذُ الأَزَلِ بِهذه الطُّرُقِ نُخَلَّص. وكُنَّا كُلُّنا كالنَّجِس وبِرُّنا كُلُّه كثَوبِ الطَّامِث وكُلُّنا ذَبَلْنا كالوَرَق وآثامُنا كالرِّيحِ ذَهَبَت بِنا ولم يَبقَ مَن يَدْعو بِاسمِكَ ولا يَنتَبِهُ لِيَتَمَسَّكَ بِكَ حتَّى حَجَبت وَجهَكَ عَنَّا وجَعَلتَنا نَذوبُ بِقُوَّةِ إِثمِنا. والآنَ يا رَبُّ أَنتَ أَبونا نَحنُ الطِّينُ وأَنتَ جابِلُنا ونَحنُ جَميعاً عَمَلُ يَدِكَ. لا تَغضَبْ يا رَبُّ كَثيراً ولا تَذكُرِ الإِثمَ لِلأَبَد. أُنظُرْ، إِنَّنا جَميعاً شَعبُكَ. قد صارَت مُدُنُ قُدسِكَ قَفراً صِهْيونُ صارَت قَفراً وأُورَشَليم دَماراً. بَيتُ قُدسِنا وفَخرِنا الَّذي سَبَّحَكَ فيه آباؤُنا قد أُحرِقَ بِالنَّار وجَميعُ مُشَتهَياتِنا صارَت خَراباً. أَعلى هذا تَضبِطُ نَفسَكَ يا رَبّ وتَصمُتُ وتُذَلِّلُنا كَثيراً؟
القراءة الثانية: (حبقوق 3/ 1-19)
صلاة حَبَقُّوقَ النَّبِيِّ على لَحنِ الرِّثاء. يا رَبِّ سَمِعتُ بِسُمعَتِكَ فخِفتُ عَمَلَكَ في وَسَطِ السِّنينَ أُحِيْهِ وفي وَسَطِ السِّنينَ تُعَرِّفُ بِه وفي الغَضَبِ ارحَمْ واذكُرْ. أَللهُ يَأتي من تَيمان والقُدُّوسُ من جَبَلِ فاران. سَلاه. غَطَّى جَلالُه السَّموات وامتَلأَتِ الأَرضُ مِن تَسبِحَتِه. بَهاؤُه يَكونُ كالنُّور ولَه مِن يَده أَشِعَّة وهُناكَ تَحتَجِبُ عِزَّتُه. أَمامَ وَجهِه يَسيرُ الطَّاعون والحُمىَّ تَتبعُ خُطاه. يَقِفُ ويُزَعزعُ الأَرْض يَنظُرُ وُيوَثِّبُ الأُمَم وتَتَفَتَّتُ الجِبالُ الأَزَلِيَّة وتَنْهارُ التِّلالُ القَديمة مَسالِكُه الأَزَليَّة. رَأَيتُ خِيامَ كوشَ تَحتَ البَلاء وجُلودَ أَرضِ مِديَنَ تَرجِف. أَعَلى الأَنْهارِ يا رَبُّ يَستَشيطُ غَضَبُكَ أَو على الأَنْهارِ سُخطُكَ أَو على البَحرِ حَنَقُكَ حتَّى تَركَبَ خَيلَكَ مَركَباتِ خَلاصِكَ. تُجَرَّدُ قَوسُكَ تَجْريداً والقَسَمُ هو سِهامُ كَلِمَتِكَ. سلاه. تَشُقُّ الأَرضَ أَنْهاراً. تَراكَ الجبالُ فتتَمَخَّض ويَجْتازُ إِعصارٌ مائيّ ويَجهَرُ الغَمرُ بِصَوته ويَرفَعُ يَدَيه إِلى العَلاء. تَقِفُ الشَّمسُ والقَمَرُ في مَنازِلهما مِن ضَوءِ سِهامِكَ المُتَطايِرة ومِن بَهاءِ بَريق رُمحِكَ. إِنَّكَ بِسُخطٍ تَطَأ الأَرْض وبِغَضَبٍ تَدوسُ الأُمَم. لقد خَرَجتَ لِخَلاصِ شَعبكَ لِخَلاصِ مَسيحِكَ فهَشَّمتَ رأسَ بَيتِ الشِّرِّير مُعَرِّياً مِنَ الأَساسِ إِلى السَّقْف. سِلاه. طَعَنتَ بِسِهامِه رُؤُوسَ قُوَّادِه الهاجِمينَ كالزَّوبَعَةِ لِيُشَتِّتوني الشَّامِتينَ كأَنَّهم يَلتَهِمونَ المِسْكينَ في الخُفْيَة. بِخَيلِكَ وَطِئتَ البَحرَ وغَلَيانَ المِياهِ الغَزيرة. سَمِعتُ فخَفَقَت أَحْشائي ورَجَفَت شَفَتايَ مِنَ الصَّوت ودَخَلَ النَّخَرُ عِظامي واضطَربتُ في مَكاني لِأَنِّي أَنتَظِرُ أَن يَقومَ يَومُ ضيقٍ على شَعبٍ يُهاجِمُنا. فإنَ التِّينَ لا يُزهِر والكُرومَ لا غِلالَ فيها وحَصيلةَ الزَّيتونِ تَكذِب والحُقولَ لا تخرِجُ طَعاماً. تنقَطِعُ الغَنَمُ مِنَ الحَظيرة ولا يَكونُ بَقَرٌ في الإسطَبْل. أَمَّا أَنا فأَتهَلَّلُ بِالرَّبَّ وأَبتَهِجُ بإِلهِ خَلاصي. الرَّبُّ الإِلهُ قُوَّتي وهو يَجعَلُ قَدَمَيَّ كالأَيائِل ويُمَشِّيني على مَشارفي.
الرسالة: (1طيموثاوس 2/ 1 – 3/ 10)
فأَسأَلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ أَن يُقامَ الدُّعاءُ والصَّلاةُ والاِبتِهالُ والشُّكرُ مِن أَجْلِ جَميعِ النَّاس ومِن أَجْلِ المُلوكِ وسائِرِ ذَوي السُّلْطَة، لِنَحْيا حَياةً سالِمةً مُطمَئِنَّة بِكُلِّ تَقْوى ورَصانة. فهذا أَمْرٌ حَسَنٌ ومَرضِيٌّ عِندَ اللهِ مُخَلِّصِنا، فإِنَّه يُريدُ أَن يَخْلُصَ جَميعُ النَّاسِ ويَبلُغوا إِلى مَعرِفَةِ الحَقّ، لأَنَّ اللهَ واحِد، والوَسيطَ بَينَ اللهِ والنَّاسِ واحِد، وهو إِنْسان، أَيِ المسيحُ يسوعُ الَّذي جادَ بِنَفْسِه فِدًى لِجَميعِ النَّاس. تِلكَ شَهادةٌ أُدِّيَت في الأَوقاتِ المُحَدَّدَةِ لَها وأُقِمتُ أَنا لَها داعِيًا ورَسولاً ـ أَقولُ الحَقَّ ولا أَكذِب_ مُعَلِّمًا لِلوَثَنيِّينَ في الإِيمانِ والحَقّ. فأُريدُ أَن يُصَلِّيَ الرِّجالُ في كُلِّ مَكانٍ رافِعينَ أَيدِياً طاهرة، مِن غَيرِ غَضَبٍ ولا خِصام. وكذلِك لِيكُنْ على النِّساءِ لِباسٌ فيه حِشمَة، ولْتَكُنْ زِينتُهُنَّ بِحَياءٍ ورَزانَة، لا بِشَعْرٍ مَجْدولٍ وذَهَبٍ ولُؤْلُؤٍ وثِيابٍ فاخِرة، بل بِأَعمالٍ صالِحةٍ تَليقُ بنِساءٍ تَعاهَدْنَ تَقْوى الله. وعلى المَرأَةِ أَن تتلَّقَّى التَّعليم وهي صامِتةٌ بِكُلِّ خُضوع. ولا أُجيزُ لِلمَرأَةِ أَن تُعَلِّم ولا أَن تَتَسَلَّطَ على الرَّجُل، بل تُحافِظُ على السُّكوت. فإِنَّ آدَمَ هو الَّذي جُبِلَ أَوَّلاً وبَعدَه حَوَّاء. ولَم يُغْوَ آدَم، بل ِالمَرأَةُ هي الَّتي أُغوِيَت فَوَقَعَت في المَعصِيَة. غَيرَ أَنَّ الخَلاصَ يَأتيها مِنَ الأُمومَة إِذا ثَبَتَت على الإِيمانِ والمَحبَّةِ والقَداسةِ مع الرَّزانَة. إِنَّه لَقَولُ صِدْقٍ أَنَّ مَن رَغِبَ في الأُسقُفِيَّة تَمَنَّى عَمَلاً شريفًا. فعَلى الأُسقُفِ أَن لا يَنالَه لَوم، وأَن يَكونَ زوج امرَأَةٍ واحِدة، وأَن يَكونَ قَنوعًا رَزينَا مُهَذَّبًا مِضْيافًا، أَهْلاً لِلتَّعْليم، غَيرَ مُدمِنٍ لِلخَمْرِ ولا مُشاجِرًا، بل حَليمًا لا يُخاصِمُ ولا يُحِبُّ المال، يُحسِنُ رِعايَةَ بَيتِه ويَحمِلُ أَولادَهُ على الخُضوعِ بِكُلِّ رَصانَة. فكَيفَ يُعْنى بِكَنيسةِ اللهِ مَن لا يُحسِنُ رِعايَةَ بَيتِه؟ ويَنبَغي أَن لا يَكونَ حَديثَ الإِيمان لِئَلاَّ تُعْمِيَه الكِبرِياء فيَنزِلَ بِه الحُكمُ الَّذي نَزَلَ بِإِبْليس. وعلَيه أَيضًا أَن يَشهَدَ لَه الَّذينَ في خارِجِ الكَنيسةِ شَهادةً حَسَنَة لِئَلاَّ يَقَعَ في العارِ وفي فَخِّ إِبْليس. ولْيَكُنِ الشمَّامِسَةُ كذلِك رِصانًا، لا ذَوي لِسانَين، ولا مُفرِطينَ في شُرْبِ الخَمْر، ولا حَريصينَ على المَكاسِبِ الخَسيسة. ولْيُحافِظوا على سِرِّ الإِيمانِ في ضَميرٍ طاهِر. ولْيُختَبَرْ هؤُلاءِ أَيضًا أَوَّلَ الأَمر ويُقاموا بَعدَ ذلِك شمَامِسَةً إِذا لم يَنَلْهُم عَيبٌ في شَيء.
الإنجيل: (متى 18/ 23-35)
((لِذلكَ مَثَلُ مَلكوتِ السَّمَواتِ كَمَثلِ مَلِكٍ أَرادَ أَن يُحاسِبَ خَدَمَه. فَلَمَّا شَرَعَ في مُحاسَبتِهم أُتِيَ بِواحِدٍ مِنهُم علَيه عَشَرةُ آلافِ وَزْنَة. ولَم يَكُن عندَه ما يُؤَدِّي بِه دَينَه، فَأَمَرَ مَولاهُ أَن يُباعَ هو وامرأَتُه وأَولادهُ وجَميعُ ما يَملِك لِيُؤَدَّى دَينُه. فَجَثا لَه الخادِمُ ساجِداً وقال: ((أَمهِلْني أُؤَدِّ لَكَ كُلَّ شَيء)). فأَشفَقَ مَولى ذلكَ الخادِم وأَطلقَه وأَعفاهُ مِنَ الدَّين. ولَمَّا خرَجَ ذلكَ الخادِمُ لَقِيَ خادِماً مِن أَصحابِه مَدِيناً له بِمِائةِ دِينار. فأَخَذَ بِعُنُقِه يَخنُقُه وهو يقولُ له: ((أَدِّ ما علَيكَ)). فجَثا صاحِبُه يَتَوسَّلُ إِلَيه فيَقول: ((أَمهِلْني أُؤَدِّهِ لكَ)). فلَم يَرضَ، بل ذهَبَ بِه وأَلقاه في السِّجنِ إِلى أَن يُؤَدِّيَ دَيْنَه. وشَهِدَ أَصحابُه ما جرى فاغتَمُّوا كثيراً، فمَضَوا وأَخبَروا مَولاهم بِكُلِّ ما جَرى. فدَعاهُ مولاهُ وقالَ له: ((أَيُّها الخادِمُ الشِّرِّير، ذاكَ الدَّينُ كُلُّه أَعفَيتُك مِنه، لأَنَّكَ سأَلتَني. أَفما كانَ يجِبُ عليكَ أَنتَ أَيضاً أَن تَرحَمَ صاحِبَكَ كما رحِمتُكَ أَنا؟)) وغَضِبَ مَولاهُ فدَفعَه إِلى الجَلاَّدين، حتَّى يُؤَدِّيَ لَه كُلَّ دَيْنِه. فَهَكذا يَفعلُ بِكم أَبي السَّماويّ، إِن لم يَغفِرْ كُلُّ واحِدٍ مِنكم لأَخيهِ مِن صَميمِ قَلبِه)).
التعليقات مغلقة.