أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول بعد أن التقينا بعدة شهود لإعلان الإنجيل، أقترح تلخيص سلسلة التعليم هذه حول الغيرة الرسولية في أربع نقاط، مستوحاة من الارشاد الرسولي “فرح الإنجيل”، الذي يحتفل هذا الشهر بالذكرى السنوية العاشرة على صدوره. النقطة الأولى التي نراها اليوم لا يمكن أن تكون إلا حول الموقف الذي يعتمد عليه جوهر الحركة التبشيرية: الفرح. إنّ الرسالة المسيحية، كما سمعنا من كلمات الملاك الموجهة إلى الرعاة، هي إعلان “فرح عظيم”.
تابع يقول والسبب؟ خبر جيد، مفاجأة، أو حدث جميل؟ بل أكثر من ذلك، إنه شخص: يسوع! يسوع هو الفرح؛ هو الله الذي صار إنسانًا وجاء إلينا. لذا، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، فالسؤال ليس ما إذا كان نعلن عنه، وإنما كيف نعلن، وهذا الـ “كيف” هو الفرح. لهذا السبب، فالمسيحي المُمتعض والحزين، والغير راضٍ أو، الأسوأ من ذلك، الغاضب والمليء بالحقد لا يتمتع بالمصداقية. قد يتحدث عن يسوع لكن لن يصدقه أحد! قال لي أحد الأشخاص ذات مرة وهو يتحدث عن هؤلاء المسيحيين: “لكنهم مسيحيون ذوو وجوه مشدودة!”، أي أنهم لا يعبرون عن أي شيء، إنهم هكذا، ولكنَّ الفرح جوهري. من الجوهري أن نسهر على مشاعرنا. إن البشارة تصنع المجانية، لأنها تأتي من الملء، وليس من الضغط. وعندما تقوم بالتبشير استنادًا إلى الأيديولوجيات، لا يكون هذا تبشيرًا، وهذا ليس الإنجيل. الإنجيل ليس إيديولوجية: الإنجيل هو إعلان، إعلان فرح. أما الأيديولوجيات فهي باردة، كلها. فيما يملك الإنجيل دفء الفرح. الأيديولوجيات لا تعرف كيف تبتسم، أما الإنجيل فهو ابتسامة، يجعلك تبتسم لأنه يلمس روحك بالبشرى السارة.
أضاف يقول إن ولادة يسوع، في التاريخ كما في الحياة، هي بداية الفرح: فكروا فيما حدث لتلميذي عمواس اللذان لم يُصدِّقا من فرحهما، ومن ثمَّ بالتلاميذ جميعًا معًا، عندما ذهب يسوع إلى العليّة ولم يصدّقوا من فرحهم، فرح أن يكون يسوع القائم من الموت معهم. إنَّ اللقاء بيسوع يحمل لك الفرح على الدوام، وإذا لم يحدث لك هذا، فهو ليس لقاءً حقيقيًا مع يسوع. وما يفعله يسوع مع التلاميذ يخبرنا أن أول من يجب أن ينالوا البشارة هم التلاميذ أنفسهم، نحن هم أول من يجب عليهم أن ينالوا البشارة. وهذا أمر مهم جدًّا. في الواقع، نحن أيضًا، إذ نغوص في مناخ حاضرنا السريع والمُربِك، يمكننا أن نجد أنفسنا نعيش الإيمان بحسٍّ خفي من التخلي، مقتنعين بأن الإنجيل لم يعد يُسمع وأن الالتزام بإعلانه لم يعد يستحق العناء. لا بل ربما قد تُغرينا فكرة أن نسمح “للآخرين” بأن يمضوا في طريقهم الخاص. بينما هذه هي اللحظة المناسبة لكي نعود إلى الإنجيل لكي نكتشف أن المسيح هو شاب على الدوام، وهو مصدر حداثة دائم.
تابع يقول وهكذا، مثل تلميذي عماوس، نعود إلى الحياة اليومية باندفاع مَن وجد كنزًا: كانا فرحين، لأنهما وجدا يسوع، وهو غيّر حياتهما. ونكتشف أنَّ البشريّة تزخَر بالإخوة والأخوات الذين ينتظرون كلمة رجاء. هناك من ينتظر الإنجيل اليوم أيضًا: إنسان اليوم هو كإنسان كل زمان: تحتاج ليسوع أيضًا حضارة عدم الإيمان المبرمجة والعلمانيّة المؤسساتية لا بل وبشكل
التعليقات مغلقة.