القراءة الأولى: (دانيال 3/ 25-45)
ووَقَفَ عَزَرْيا وفَتَحَ فاهُ في وَسَطِ النَّارِ وصلَّى هكذا فقال: ((مُبارَكٌ أَنتَ أَيُّها الرَّبُّ إِلهُ آبائِنا وحَميدٌ اسمُكَ ومُمَجَّدٌ أَبَدَ الدُّهور لِأَنَّكَ بارٌّ في كُلِّ ما صَنَعتَ إِلَينا وجَميعُ أَعْمالِكَ صادِقَةٌ وطُرُقُكَ مُستَقيمة وجَميع أَحكامِكَ حَقّ. وقَد أَجرَيتَ أَحْكامَ حَقٍّ في جَميعِ ماجَلَبتَ علَينا وعلى مَدينةِ آبائِنا المُقَدَّسة، أُورَشَليم لِأَنَّكَ بِالحَقِّ والعَدْلِ جَلَبتَ جَميعَ ذلك بِسَبَبِ خَطايانا إِذ قد خَطِئْنا وأَثِمْنا بِارتدادِنا عنكَ وارتَكَبنا خَطايا جَسيمَةً في كُلِّ شيَء ولم نَسمَعْ لِوَصاياكَ ولم نَحفَظْها ولم نَعْمَلْ بِما أَوصَيتَنا بِه لِخَيرِنا. فجَميعُ ما جَلَبتَ علَينا وجَميعُ ما صَنَعتَ بِنا إِنَّما صَنَعتَه بحُكْمٍ حَقّ فأَسلَمتَنا إِلى أَيدي أَعْداءٍ أَثَمَة هم مِن أَبغَضِ الكافِرين وإِلى مَلِكٍ ظالِم شَرٍّ مِن كُلِّ مَن في الأَرْض. والآنَ فلَيسَ لَنا أَن نَفتَحَ أَفْواهَنا فقَد صِرْنا خِزْياً وعاراً لِعَبيدِكَ وللسَّاجِدينَ لَكَ. فلا تَخذُلْنا لِلأَبَدِ لِأَجلِ اسمِكَ ولا تَنقُضْ عَهدَكَ ولا تُحَوِّلْ رَحمَتَكَ عَنَّا لِأَجلِ إِبْراهيِمَ خَليلِكَ وإِسَحقَ عَبدِكَ وإِسْرائيلَ قِدِّيسِكَ الَّذينَ قُلتَ لَهم إِنَّكَ تُكَثّر نَسلَهم كنُجومِ السَّماء وكالرَّمْلِ الَّذي على شاطِئ البَحْر. فلَقَد أَصبَحْنا أَصغَرَ الأُمَمِ كُلِّها ونَحنُ اليَومَ أَذِلَّاءُ في كُلِّ الأَرض بِسَبَبِ خَطايانا ولَيسَ لنا في هذا الزَّمانِ رَئيس ولا نبِيٌّ ولا قائِد ولا مُحرَقَةٌ ولا ذَبيحَةٌ ولا تَقدِمَةٌ ولا بَخور ولا مَكانٌ لِتَقْريبِ البَواكيرِ أَمامَكَ ولِنَيلِ رَحَمَتِكَ. ولكِنِ اقبَلْنا لِانسِحاقِ نُفوسِنا وتَواضُعَ أَرْواحِنا. كمُحرَقاتِ الكِباشِ والثِّيران ورِبْواتِ الحُمْلانِ السِّمان. فلْتَكُنْ هكذا ذَبيحَتُنا اليَومَ أَمامَكَ حَتَّى تُرضِيَكَ ولْنَسِرْ وَراءَكَ حَتَّى النِّهاية فإِنَّه لا خِزْيَ لِلمُتَوَكِّلينَ علَيكَ. والآنَ فإِنَّنا نَتْبَعُكَ بِكُلِّ قُلوبِنا ونَتَّقيكَ ونَبتَغي وَجهَك فلا تُخزِنا بل عامِلْنا بِحَسَبِ رأفَتِكَ ووَفرَةَ رَحمَتِكَ وأَنقِذْنا بحَسَبِ عَجائِبكَ وهَبِ المجدَ أَيُّها الرَّبُّ لِاسمِكَ ولْيَخجَلْ جَميعُ الَّذينَ يُذيقونَ عَبيدَكَ المَساوِئ ولْيَخْزَوا ساقِطينَ عن كُلِّ اَقتِدار ولْتُحَطَّمْ قُوَّتُهم. ولْيَعلَموا أَنَّكَ أَنتَ الرَّبُّ الإِلهُ وَحدَكَ المَجيدُ في الدُّنْيا كُلِّها)).
القراءة الثانية: (أعمال 6/ 8-7/ 10)
وكانَ إِسْطِفانُس، وقَدِ امتَلأَ مِنَ النِّعمَةِ والقُوَّة، يَأتي بِأَعاجيبَ وَآياتٍ مُبينَةٍ في الشَّعْب. فقامَ أُناسٌ مِنَ المَجمعَِ المَعروفِ بِمَجمَعِ المُعتَقين، ومِنَ القيرينيِّينَ والإِسكَندَرِيِّينَ ومِن أَهلِ قيليقِية وآسِية، وأَخَذوا يُجادِلونَ إِسْطِفانُس، فلَم يَستَطيعوا أَن يُقاوِموا ما في كَلامِه مِنَ الحِكمَةِ والرُّوح. فدَسُّوا أُناسًا يَقولون: ((إِنَّنا سَمِعْناه يَتَكلَّمُ كَلامَ تَجْديفٍ على موسى وعلى الله)). فأَثاروا الشَّعْبَ والشُّيوخَ والكَتَبَة ((ثُمَّ أَتَوهُ على غَفلَةٍ مِنه، فقَبَضوا علَيه وساقُوه إِلى المَجلِس. ثُمَّ أَحضَروا شُهودَ زُور يَقولون: ((هذا الرَّجُلُ لا يَكُفُّ عنِ التَّعَرُّضِ بِكلامِه لِهذا المَكانِ المُقَدَّسِ وللشَّريعَة.َ فقَد سَمِعناهُ يَقولُ إِنَّ يسوعَ ذاكَ النَّاصِريَّ سيَنقُضُ هذا المكان، ويُبَدِّلُ ما سَلَّمَ إِلَينا موسى مِن سُنَن)). فحَدَّقَ إِلَيه كُلُّ مَن كانَ في المَجلِسِ مِن أَعْضاء، فَرأَوا وَجهَه كأَنَّه وَجْهُ مَلاك. فَسأَلَه عَظيمُ الكَهَنَة: ((أَهذا صَحيح؟)) فأَجاب: ((أَيُّها الإِخوَةُ والآباء، اِسمَعوا: إِنَّ إِلهَ المَجدِ تَراءَى لأَبِينا إِبراهيم، وهُو في الجَزيرَةِ ما بَينَ النَّهرَين قَبلَ أَن يُقيمَ في حَرَّان، وقالَ له: ((أُخرُجْ مِن أَرضِكَ وعَشيَرتِكَ، واذهَبْ إِلى الأَرضِ الَّتي أُريكَ)). فخَرَجَ مِن أَرضِ الكَلدانِيِّين وأَقامَ في حَرَّان. ثُمَّ نَقَلَه مِنها بَعدَ وَفاةِ أَبيهِ إِلى هذهِ الأَرضِ الَّتي أَنتُمُ الآنَ مُقيمونَ فيها، ولَم يُعطِه فيها مِلكًا ولا مَوطِئَ قَدَم، ولكِن وَعَدَه بِأَن يُمَلِّكَه إِيَّاها، ونَسْلَه مِن بَعدِه، معَ أَنَّه لم يَكُنْ لَه وَلَد. وقالَ الله: ((سيَنزِلُ نَسْلُه في أَرضٍ غَريبة، فتُستَعبَدُ وتُعامَلُ بِالسُّوءِ مُدَّةَ أَربَعِمِائةِ سَنة. وقالَ الله: أَمَّا الأُمَّةُ الَّتي تَستَعبِدُهم، فإِنِّي أَدينُها، ويَخُرجونَ بَعدَ ذلك فيَعبُدوني في هذا المكان)). وأَعطاهُ عَهدَ الخِتان فوَلدَ إِسحَقَ وخَتَنَه في اليَومِ الثَّامِن. وإِسحقُ خَتَنَ يَعْقوب ويَعْقوبُ خَتَنَ آباءَ الأَسْباطِ الاثنَيْ عَشَر. وحَسَدَ آباءُ الأَسْباطِ يُوسُف فباعوه فسيرَ به إِلى مِصْر، وكانَ اللهُ معَه، فأَنقَذَه مِن جَميعِ شَدائِدِه، وآتاهُ الحُظْوَةَ والحِكمةَ عِندَ فِرعَونَ مَلِكِ مِصْر. فأَقامَه والِيًا على مِصْرَ وعلى جَميعِ بَيتِه.
الرسالة: (عبرانيين11/ 1-10)
فالإِيمانُ قِوامُ الأُمورِ الّتي تُرْجى وبُرْهانُ الحَقائِقِ الَّتي لا تُرى، وبِفَضلِه شُهِدَ لِلأَقدَمين. بِالإِيمانِ نُدرِكُ أَنَّ العالَمِينَ أُنشِئَت بِكَلِمَةِ الله، حَتَّى إِنَّ ما يُرى يَأتي مِمَّا لا يُرى. بِالإِيمانِ قَرَّبَ هابيلُ لِلهِ ذَبيحَةً أَفضَلَ مِن ذَبيحَةِ قايِن، وبِالإِيمانِ شُهِدَ لَه أَنَّه بارّ، فقَد شَهِدَ اللهُ لِقَرابينِه، وبِالإِيمانِ ما زالَ يَتَكَلَّمُ بَعدَ مَوتِه. ِبالإِيمانِ أُخِذَ أَخْنوخُ لِئَلاَّ يَرى المَوت، ((فلَم يَجِدْه أَحَدٌ لأَنَّ اللهَ أَخَذَه)). وشُهِدَ لَه قَبلَ رَفعِه بِأَنَّ اللهَ قد رَضِيَ عَنه، وبِغَيرِ الإِيمانِ يَستَحيلُ نَيلُ رضا الله، لأَنَّه يَجِبُ على الَّذي يَتَقَرَّبُ إلى اللهِ أَن يُؤمِنَ بِأَنَّه مَوجود وأَنَّه يُجازي الَّذينَ يَبتَغونَه. بِالإِيمانِ أُوحِيَت إِلى نُوحٍِ أُمورٌ لم تَكُنْ وَقتَئِذٍ مَرْئِيَّة، فتَوَرَّعَ وبنَى سَفينَةً لِخَلاصِ أَهْلِ بَيته، حَكَمَ بِها على العالَم وصارَ وارِثًا لِلبِرِّ الحاصِلِ بِالإِيمان. بِالإِيمانِ لَبَّى إِبراهيمُ الدَّعوَة فخَرَجَ إِلى بَلَدٍ قُدِّرَ لَه أن يَنالَه ميراثًا، خَرَجَ وهولا يَدْري إِلى أَينَ يَتَوجَّه. بِالإِيمانِ نَزَلَ في أَرْضِ الميعادِ نُزولَه في أَرضٍ غَريبَة، وأَقامَ في الخِيامِ معَ إِسحقَ وَيَعقوبَ الشَّريكَينِ في الميراثِ المَوعودِ عينِه، فقَد كانَ يَنتَظِرُ المَدينَةَ ذاتَ الأُسُس واللهُ مُهَندِسُها وبانِيها.
الإنجيل: (متى 10/ 16-25)
هاءَنذا أُرسِلُكم كالخِرافِ بَينَ الذِّئاب: فكونوا كالحَيَّاتِ حاذِقين وكالحَمامِ ساذِجين. اِحذَروا النَّاس، فسَيُسلِمونَكم إِلى المَجالس، وَيجلِدونَكم في مَجامِعِهم، وتُساقونَ إِلى الحُكَّامِ والمُلوكِ مِن أَجلي، لِتَشهَدوا لَدَيهِم ولَدى الوَثَنِيِّين. فلا يُهِمَّكم حينَ يُسلِمونَكم كَيفَ تَتكلَّمون أَو ماذا تقولون، فسَيُلْقَى إِليكُم في تلكَ السَّاعِة ما تَتكلَّمونَ بِه. فلَستُم أَنتُمُ المُتَكَلِّمين، بل رُوحُ أَبيكم يَتكَلَّمُ بِلِسانِكم. سَيُسلِمُ الأَخُ أَخاهُ إِلى الموت، والأَبُ ابنَه، ويَثورُ الأَبناءُ على والِدِيهم ويُميتونَهم، ويُبغِضُكم جَميعُ النَّاسِ مِن أَجلِ اسمي. والَّذي يَثبُتُ إِلى النِّهاية فذاكَ الَّذي يَخلُص. وإِذا طارَدوكم في مدينةٍ فاهرُبوا إِلى غَيرِها. الحَقَّ أَقولُ لكم: لن تُنُهوا التَّجْوالَ في مُدُنِ إِسرائيل حتَّى يأتيَ ابنُ الإِنسان. ما مِن تِلميذٍ أَسمَى مِن مُعَلِّمِه، وما مِن خادِمٍ أَسمَى مِن سَيِّدِه. فَحَسْبُ التِّلميذِ أَن يَصيرَ كَمعلِّمِه والخادِمِ كَسيِّدِه، فإِذا لَقَّبوا ربَّ البَيتِ بِبَعلَ زَبول، فَما أَحْراهم بِأَن يَقولوا ذلك في أَهْلِ بَيتِه؟
التعليقات مغلقة.