القراءة الأولى: (تكوين 37/ 23-36)
فلَمَّا وَصَلَ يوسفُ إِلى إِخوَتِه، نَزَعوا عنه قَميصَه، القَميصَ المُوَشَّى الَّذي علَيه. وأخَذوه وطَرَحوه في البِئر، وكانَتِ البِئرُ فارِغَةً لا ماءَ فيها. ثُمَّ جَلَسوا يَأكُلون. ورَفَعوا عُيوَنهم ونَظَروا، فإِذا بِقافِلَةٍ مِنَ الإِسْماعيِلِّيينَ مُقبِلَةٌ مِن جِلْعاد، وجِمالُهم مُحَمَّلَةٌ صَمْغَ قَتادٍ وبَلَسانًا ولاذَنًا، وهم سائِرونَ لِيَنزِلوا بِها إِلى مِصْر. فقالَ يَهوذا لإِخوَتِه: ((ما الفائِدَةُ مِن أَن نَقْتُلَ أَخانا ونُخفِيَ دَمَه؟ تَعالَوا نَبيعُه لِلإِسْماعيلِيِّينَ، ولا تَكُنْ أَيدينا علَيه لأَنَّه أَخونا ولَحمُنا)). فسَمِعَ لَه إِخوَتُه. فمَرَّ قَومٌ مِديَنِيُّونَ تُجَّار فاَنتَشَلوا يوسفَ وأَصعَدوه مِنَ البِئر وباعوه لِلإِسْماعيِلِّيينَ بِعِشْرينَ مِنَ الفِضَّة، فأَتوا بِيُوسفَ إِلى مِصْر. ورَجَعَ رأُوبينُ إِلى البِئْر فإِذا يوسفُ لَيسَ في البِئرِ فمَزَّقَ ثِيابَه. ورَجَعَ إِلى إِخوَتِه وقال: ((الوَلَدُ لَيسَ مَوجودًا، وأَنا إِلى أَينَ أَمْضي؟)). فأَخَذوا قَميصَ يوسُف وذَبَحوا تَيسًا مِنَ المَعِزِ وغَمَسوا القَميصَ في الدَم. وبَعَثوا بالقَميصِ المُوَشَّى وأَوصَلوه إِلى أَبيهِم وقالوا: ((وَجَدْنا هذا. أُنظُرْ: أَقَميصُ آبنِكَ هو أَم لا؟)). فنَظَرَ إِلَيه وقال: ((هو قَميصُ ابني. وَحشٌ ضارٍ أَكَلَه. اِفْتُرِسَ يوسفُ افتِراسًا)). ومَزَّقَ يَعْقوبُ ثِيابَه وشَدَّ مِسْحًا على حَقْوَيه وحَزِنَ على آبنِه أَيَّامًا كَثيرة. وقامَ جَميعُ بَنيه وجَميعُ بَناتِه يُعَزُّونَه، فأَبى أَن يَتَعَزَّى وقال: ((انِّي أَنزِلُ حَزينًا إِلى اَبني، إِلى مَثْوى الأَموات))، وبَكى عَلَيه أَبوه. وباعَه المِديَنِيُّونَ في مِصْرَ لِفوطيفار، خَصِيِّ فِرْعَونَ ورَئيسِ الحَرَس.
الرسالة: (عبرانيين 4/ 14-5/ 10)
ولَمَّا كانَ لَنا عَظيمُ كَهَنَةٍ قدِ اجْتازَ السَّمَوات، وهو يسوعُ ابنُ الله، فلْنتَمَسَّكْ بِشهادةِ الإِيمان. فلَيسَ لَنا عَظيمُ كَهَنَةٍ لا يَستَطيعُ أَن يَرثِيَ لِضُعفِنا: لَقَدِ امتُحِنَ في كُلِّ شَيءٍ مِثْلَنا ما عَدا الخَطِيئَة. فلْنتَقَدَّمْ إِلى عَرْشِ النِّعمَة لِنَنالَ رَحمَةً ونَلْقى حُظْوَةً لِيَأَتِيَنا الغَوثُ في حِينِه. فإِنَّ كُلَّ عظيمِ كَهَنَةٍ يُؤخَذُ مِن بَينِ النَّاس ويُقامُ مِن أَجلِ النَّاس في صِلَتِهم بِاللّه، لِيُقَرِّبَ قَرابينَ وذَبائِحَ كَفَّارَةً لِلخَطايا. وبِوُسعِه أَن يَرْفُقَ بِالجُهَّالِ الضَّالِّين لأَنَّه هو نَفْسُه مُتَسَربِلٌ بِالضُّعْف، فعَلَيه مِن أَجْلِ ذلِك الضُّعْفِ أَن يُقَرِّبَ كَفَّارَةً لِخَطاياه كَما يُقَرِّبُ كَفَّارةً لِخَطايا الشَّعْب. وما مِن أَحَدٍ يَتَوَلَّى بِنَفْسِه هذا المَقام، بل مَن دَعاهُ اللهُ كَما دَعا هارون. وكَذلِك المسيحُ لم يَنتَحِلِ المَجْدَ فيَجعَلَ نَفْسَه عَظيمَ كَهَنَة، بل تَلَقَّى هذا المَجْدَ مِنَ الَّذي قالَ لَه: ((أَنتَ ابنِي وأَنا اليَومَ وَلدتُكَ)). وقالَ لَه في مَكانٍ آخَر: ((أَنتَ كاهِنٌ لِلأَبَدِ على رُتْبَةِ مَلكيصادَق)) وهو الَّذي في أَيَّامِ حَياتِه البَشَرِيَّة رفعَ الدُّعاءَ والاِبتِهالَ بِصُراخٍ شَديدٍ ودُموعٍ ذَوارِف إِلى الَّذي بِوُسعِه أَن يُخَلِّصَه مِنَ المَوت، فاستُجيبَ لِتَقْواه. وتَعَلَّمَ الطَّاعَةَ، وهو الاِبن، بما عانى مِنَ الأَلَم. ولَمَّا بُلِغَ بِه إِلى الكَمال، صارَ لِجَميعِ الَّذينَ يُطيعوَنه سَبَبَ خَلاصٍ أَبَدِيّ، لأَنَّ اللهَ أَعلَنَه عَظيمَ كَهَنَةٍ على رُتْبَةِ مَلكيصادَق.
الإنجيل: (يوحنا 12/ 20-30)
وكانَ بَعضُ اليونانِيِّينَ في جُملَةِ الَّذينَ صَعِدوا إِلى أُورَشَليمَ لِلْعِبادَةِ مُدَّةَ العيد. فقَصَدوا إِلى فيلِبُّس، وكانَ مِن بَيتَ صَيدا في الجَليل، فقالوا له مُلتَمِسين: ((يا سَيِّد، نُريدُ أَن نَرى يسوع)). فذَهَبَ فيلِبُّس فأَخبَرَ أَنَدرواس، وذهَبَ أَندَرواس وفيلِبُّس فأَخبَرا يسوع. فأَجابَهما يسوع: ((أَتَتِ السَّاعَةُ الَّتي فيها يُمَجَّدُ ابنُ الإِنسان. الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض، إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَراً كثيراً. مَن أَحَبَّ حياتَهُ فقَدَها، ومَن رَغِبَ عنها في هذا العالَم حَفِظَها لِلحَياةِ الأَبَدِيَّة. مَن أَرادَ أَن يَخدُمَني، فَلْيَتْبَعْني، وحَيثُ أَكونُ أَنا يَكونُ خادِمي، ومَن خَدَمَني أَكرَمَهُ أَبي. الآنَ نَفْسي مُضطَرِبة، فماذا أَقول؟ يا أَبَتِ، نَجِّني مِن تِلكَ السَّاعة. وما أَتَيتُ إِلَّا لِتلكَ السَّاعة. يا أَبتِ، مَجِّدِ اسمَكَ)). فانطَلَقَ صَوتٌ مِنَ السَّماءِ يَقول: ((قَد مَجَّدتُه وسَأُمَجِّدُه أَيضاً)). فقالَ الجَمْعُ الَّذي كانَ حاضِراً وسَمِعَ الصَّوت: ((إِنَّه دَوِيُّ رَعْد)). وقال آخَرونَ: ((إِنَّ مَلاكاً كَلَّمَه)). َجابَ يسوع: ((لم يَكُنْ هذا الصَّوتُ لأَجلي، بل لأجلِكُم)).
التعليقات مغلقة.