أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس، وتابع خلالها سلسلة التعاليم في موضوع الرذائل والفضائل، وتحدث اليوم عن فضيلة العدل، الفضيلة الثانية الرئيسية، وقال إنها الفضيلة الاجتماعية بامتياز، مضيفًا أن التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية يصفها “بالفضيلة الأخلاقية التي قوامها إرادة ثابتة وراسخة لإعطاء الله والقريب ما يحق لهما”. كما وأشار إلى أنها فضيلة الحق، تسعى إلى تنظيم العلاقات بين الأشخاص بعدالة. وتابع الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي اليوم الأربعاء حول فضيلة العدل قائلا إن هدفها هو أن يُعامل كل شخص في المجتمع وفقا لكرامته. ولفت في الوقت نفسه إلى أن المعلمين القدماء قد علّموا أن مواقف وفضائل أخرى هي ضرورية لذلك، كعمل الخير، الاحترام، الامتنان، اللطف والاستقامة: وهي فضائل تساعد على التعايش الجيد بين الأشخاص. ندرك جميعا أن العدل هو أساسي من أجل التعايش السلمي في المجتمع، قال البابا فرنسيس، مشيرا إلى أن عالمًا من دون قوانين تحترم الحقوق سيكون عالمًا من المستحيل العيش فيه. فبدون العدل لا يوجد سلام، وإذا لم يُحترم العدل، تنشأ النزاعات.
وتابع تعليمه الأسبوعي لافتًا إلى أن العدل فضيلة لا تتعلق فقط بقاعات المحاكم إنما أيضا بالأخلاق التي تميز حياتنا اليومية. إنها تؤسس علاقات صادقة مع الآخرين: تعمل بوصية الإنجيل بحيث أن الكلام المسيحي ينبغي أن يكون “نعم، نعم”، و”لا، لا”؛ “فما زاد على ذلك كان من الشرير” (متى ٥، ٣٧). إن أنصاف الحقائق والكلمات التي تريد أن تخدع القريب، والتكتم الذي يخفي النوايا الحقيقية، ليست مواقف تتماشى مع العدل. فالإنسان العادل هو مستقيم وبسيط وصادق، لا يرتدي أقنعة ويتحدث بصدق. وهناك غالبا على شفتيه كلمة “شكرًا”، ويعلم أنه مهما سعينا لنكون أسخياء، فسنبقى دائما مدينين إزاء القريب.
كما وأشار إلى أننا نجد في التقليد أوصافًا لا تُحصى للإنسان العادل المستقيم. فهو يحترم القوانين عارفًا أنها تشكل حاجزًا يحمي العزّل من استبداد الأقوياء. ولا يهتم فقط بخيره الفردي، إنما يريد خير المجتمع بأسره. ولا يستسلم إلى تجربة التفكير في نفسه فقط والاهتمام بشؤونه الخاصة، مهما كانت مشروعة، كما لو كانت الشيء الوحيد الموجود في العالم. إن فضيلة العدل توضح أن ما مِن خير حقيقي لي إذا لم يكن هناك أيضا خير الجميع. ولهذا، فهو ينتبه إلى سلوكه كي لا يكون مسيئا إلى الآخرين، وإذ أخطأ يعتذر. وفي بعض الأوضاع يضحي بخير شخصي كي يضعه في متناول الجماعة. ويتجنب تصرفات مسيئة كالافتراء وشهادة الزور والاحتيال والرِّبا والاستهزاء. ويحافظ على الكلمة المعطاة، ويعيد ما اقترضه، ويعطي الأجر العادل للعمال.
وفي ختام مقابلته العامة مع المؤمنين، قال البابا فرنسيس لا أحد منا يعرف إن كان الأشخاص العادلون في عالمنا كثيرين أم نادرين كلآلئ ثمينة. وأشار إلى أن العادلين هم أشخاص مستقيمون “جياع وعطاش إلى البِر” (متى ٥، ٦)، يحلمون ويحتفظون في قلوبهم بالرغبة في الأخوّة الشاملة. ونحن جميعا في أمس الحاجة اليوم خصوصا إلى هذا الحلم.
هذا ووجه نداء في ختام مقابلته العامة مع المؤمنين صباح اليوم الأربعاء استهله مشيرا إلى الأنباء المُحزنة التي لا تزال تصل من الشرق الأوسط. وجدد طلبه الحازم من أجل وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة. وعبّر عن أسفه العميق لمقتل متطوعين فيما كانوا يعملون لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، وقال إنه يصلّي من أجلهم ومن أجل عائلاتهم. وجدد البابا فرنسيس النداء من أجل تمكين السكان المدنيين، المنهكين والمتألمين، الحصول على المساعدات الإنسانية، وكي يتم فورا الإفراج عن الرهائن. كما ودعا إلى تجنب أي محاولة غير مسؤولة لتوسيع النزاع في المنطقة، وإلى العمل كي تتوقف في أسرع وقت هذه الحرب وحروب أخرى لا تزال تسبب الموت والمعاناة في أنحاء كثيرة في العالم. لنصلِّ ونعمل بدون كلل، قال البابا فرنسيس، من أجل أن تسكت الأسلحة ويسود السلام. كما ودعا البابا فرنسيس في ختام مقابلته العامة مع المؤمنين اليوم الأربعاء إلى عدم نسيان أوكرانيا المعذبة.
التعليقات مغلقة.