يواصل البابا فرنسيس تعليمه حول الرذائل والفضائل حيث تحدث قداسته اليوم الأربعاء 6 آذار مارس خلال مقابلته العامة مع المؤمنين عن رذيلة الكبرياء. ونظرا لعدم زوال أعراض البرد الذي يعاني منه البابا فقد قرأ تعليمه المطران لويجي جيرولي من أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان. وأراد الأب الأقدس أن يبدأ بالإشارة إلى الكلمة التي كان يستخدمها الإغريق لتعريف الكبرياء والتي يمكن ترجمتها إلى التألق المبالغ فيه، وأضاف أن الكبرياء هي عمليا تمجيد الذات واعتداد النفس والغرور. ثم أشار البابا إلى أن كلمة الكبرياء قد ذكرها يسوع في سلسلة الرذائل التي تحدث عنها لإيضاح أن الشر يأتي دائما من قلب الإنسان (راجع مرقس 7، 22). وواصل الأب الأقدس أن المتكبر يعتبر نفسه أكثر بكثير مما هو عليه في الواقع، يختلج بانتظار أن يحظى بتقدير أكبر من الآخرين، يريد أن تتم الإشادة دائما بميزاته ويزدري الآخرين معتبرا إياهم أقل شأنا.
ومن هذا الوصف الأولي، قال البابا فرنسيس، نرى كيف تتشابه رذيلة الكبرياء مع رذيلة المجد الباطل التي تحدث عنها قداسته الأسبوع المنصرم خلال المقابلة العامة. وأضاف أن المجد الباطل إن كان مرضا للذات البشرية فهو يظل صغيرا إن قارناه بالخراب الذي يمكن أن تسفر عنه الكبرياء. وذكَّر الأب الأقدس في هذا السياق بأن نُساك الماضي قد وضعوا خلال تحليلهم لجنون الإنسان ترتيبا للشرور، حيث تأتي في المقدمة خطايا مثل الشراهة لتتبعها تدريجيا الشرور الأكثر خطورة، قال البابا، واضاف أن الكبرياء من الرذائل الكبيرة، وأشار في هذا السياق إلى أن الشاعر دانتي قد أدرج الكبرياء في الطبقة الأولى للمطهر. وأضاف قداسته أن من يستسلم لهذه الرذيلة هو بعيد عن الله، كما ويتطلب تغيير هذا الشر وقتا وجهدا أكثر مقارنةً بأي كفاح آخر على المسيحي القيام به.
وواصل تأمله في الكبرياء فقال إن داخل هذا الشر تختبئ الخطيئة الجذرية، التطلع غير المنطقي إلى أن نكون مثل الله. وأضاف قداسته في هذا السياق إن خطيئة والدَينا حسب ما يروي لنا سفر التكوين هي بكل المعاني الكبرياء، حيث قالت الحية للمرأة إن الله عالِم أنهما في يوم يأكلان من ثمرة الشجرة التي في وسط الجنة تنفتح أعينهما ويصيران كالله (راجع تكوين ٣، ٥). كما ولفت الأنظار إلى أن الآباء الروحيين يهتمون في كتاباتهم بوصف تبعات الكبرياء على الحياة اليومية وإبراز كيف تدمر هذه الرذيلة العلاقات الإنسانية وتُسمم مشاعر الأخوّة التي يُفترض أن توحد بين البشر.
هذا واراد قداسة البابا التوقف عند ما وصفها بقائمة طويلة من الأعراض التي تكشف سقوط شخص ما في رذيلة الكبرياء، أعراض جسدية أيضا من بينها تصلب العنق، وتحدث عن تعالي المتكبر وإصداره أحكاما مليئة بالازدراء والتسرع في إصدار أحكام لا رجعة عنها على الآخرين الذين يراهم على الفور حمقى بلا قدرات. وواصل البابا فرنسيس أن من لديه رذيلة الكبرياء ينسى في تعاليه أن يسوع قد علمنا قوانين أخلاقية قليلة لكنه شدد بشكل خاص على “لا تدين”. وتابع الأب الأقدس أنه يمكن التعرف على من لديه كبرياء حيث يكفي أن نوجه إليه انتقادا بَناءً صغيرا أو ملاحظة بريئة حتى يُبدي رد فعل مبالغا فيه وكأن هناك مَن أهان جلالته، فيتملكه غضب كبير ويصرخ ويقطع العلاقات مع الآخرين
التعليقات مغلقة.