القراءة الأولى: (1صموئيل 22/ 6-21)
وسَمعِ شاوُلُ أَنَّ داوُدَ قد وُجِدَ هو والرِّجالُ الَّذينَ معه، وكان شاوُلُ في جَبْعَ جالِسًا تَحتَ الطَّرْفاءَ الَّتي في المَشرَف، ورُمحُه بِيَدِه وجَميعُ ضُبَّاطِه واقِفونَ حَولَه. فقالَ شاوُلُ لِضُبَّاطِه الواقِفينَ حَولَه: ((اِسمَعوا يا آلَ بَنْيامين، أَلعَلَّ اَبنَ يَسَّى يُعطيكم جَميعًا هو أَيضًا حُقولاً كُرومًا، أَو لَعَلَّه يَجعَلُكُم أَجمَعينَ رُؤَساءَ أُلوفٍ ورُؤَساءَ مِئات، حتَّى تآمَرتُم علَيَّ كُلُّكم، ومَن لم يَكُنْ فيكم مَن كاشَفَني، عِندَما قَطَعَ اَبْني عَهدًا مع ابنِ يَسَّى، ولا فيكم مَن أَشفَقَ علَيَّ وكاشَفَني بِأَنَّ ابْني قد أَثارَ علَيَّ عَبْدي حتَّى كَمَنَ لي كما تَرَونَ في هذا اليَوم؟)) فأَجابَ دوئيجُ الأَدومِيُّ الَّذي كانَ واقِفًا مع ضبَّاطِ شاوُلَ وقال: ((رَأَيتُ ابنَ يَسَّى قد أَتى إِلى نوب، إِلى أَحيمَلِكَ بنِ أَحيطوب. فسأَلَ لَه الرَّبَّ وأَعْطاه زادًا، وسَيفُ جُلْياتَ الفَلِسطينيِّ قد سَلَّمَه إِلَيه)). فأَرسَلَ المَلِكُ فدَعا أَحيمَلِكَ ابنَ أَحيطوبَ الكاهِنَ وكُلَّ بَيتِ أَبيه الكَهَنَةَ الَّذينَ في نوب، فأَتَوا كلُهم إِلى المَلِك. فقالَ شاوُل: ((اِسمع يا ابنَ أَحيطوب)). فقال:((هاءَنَذا يا سَيَدي)). فقالَ لَه شاوُل: ((لِماذا تآمَرتُما علَيَّ، أَنتَ وابنُ يَسَّى، فأَعطَيتَه خُبزًا وسَيفًا وسأَلتَ لَه اللهَ، لِيَقومَ علَيَّ ويَكمُنَ لي، كما تَرى في هذا اليَوم؟)) فأَجابَ أَحيمَلِكُ وقالَ للِمَلِك: ((مَن مِن جَميعِ عَبيدِكَ أَمينٌ مِثلَ داوُد، صِهرِ المَلِك، رَئيسُ حَرَسِكَ ومُكَرَّمٌ في بَيتكَ؟ أَلَعَلى مِن هذا اليَومِ بَدَأتُ أَسأَلُ لَه الله؟ حاشَ لي! لا يَنسُبِ المَلِكُ شَيئًا إِلى عَبدِه ولا إِلى كُلِّ بَيتِ أَبي، لأَنَّ عَبدَكَ لا يَعلَمُ بِقَليلٍ ولا كَثيرٍ مِن هذا الأَمرِ كُلِّه)). فقالَ المَلِك: ((إِنَّكَ تَموتُ مَوتًا يا أَحيمَلِك، أَنتَ وكُلُّ بَيتِ أَبيكَ)). ثمَّ قالَ المَلِكُ لِلسُّعاةِ الواقِفينَ أَمامَه: ((اِعطِفوا واقتُلوا كَهَنَةَ الرَّبّ، لأَنَّ أَيدِيَهم أَيضًا مع داوُد، وقد عَلِموا أَنَّه هارِبٌ، ولم يُكاشِفوني بالأَمر)). فأَبى خُدَامُ المَلِكِ أَن يَمُدُّوا أَيدِيَهم لِيوقِعوا بِكَهَنَةِ الرَّبّ. فقالَ المَلِكُ لِدوئيج: ((اِعطِفْ أَنتَ وأَوقِعْ بِالكَهَنَة)). فعَطَفَ دوئيجُ الأَدومِيُّ وأَوقَع بِالكَهَنَة، وقَتَلَ في ذلك اليَومِ خَمسَةً وثَمانينَ رَجُلاً لابِسي أَفودِ كتَان. ثُمَّ ضَرَبَ شاوُلُ نوبَ، مَدينةَ الكَهَنَة، بِحَدِّ السَّيف، مِنَ الرَّجُلِ إِلى المَرأَة ومِنَ الطِّفلِ إِلى الرَّضيع، والبَقَرَ والحَميرَ والغَنَمَ، بِحَدِّ السَّيف. فنَجا ابنٌ لأَحيمَلِكَ بنِ أَحيطوب، اِسمُه أَبِياتار، وهَرَبَ إِلى داوُد. وأَخبَرَ أَبِياتارُ داوُدَ أَنَّ شاوُلَ قَتَلَ كَهَنَةَ الرَّبّ.
القراءة الثانية: (أعمال 21/ 27-40)
فلمَّا أَوشَكَتِ الأَيَّامُ السَّبعَةُ أَن تَنقَضي، رآه بَعضُ اليَهودِ الأَسيَوِيِّينَ في الهَيكَل، فأَثاروا الجَمعَ بِأَسرِه، وبَسَطوا إِلَيه الأَيدي وصاحوا: ((النَّجدَة، يا بَني إِسرائيل! هذا هو الرَّجُلُ الَّذي يُعَلِّمُ النَّاسَ جَميعًا في كُلِّ مَكانٍ تَعليمًا يَنالُ به من شَعبِنا وشَريعَتِنا وهذا المكان، لا بل أَدخَلَ بَعضَ اليونانِيِّينَ إِلى الهَيكل، ودَنَّسَ هذا المَكانَ المُقدَّس)). وكانوا قد رَأَوا طَروفيمُسَ الأَفَسُسيَّ معَه في المَدينة، فظَنُّوا أَنَّ بولُسَ أدخَلَه إِلى الهَيكَل. فهاجَتِ المَدينَةُ بِأَجمَعِها، وتَبادَرَ الشَّعبُ وقَبَضوا على بُولس وجَرُّوه إِلى خارِجِ الهَيكَل، وأُغلِقَتِ الأَبوابُ مِن ذلكَ الوَقْت. وبَينما هُم يُحاوِلونَ قَتلَه، بَلَغ قائِدَ كَتيبَةِ أَنَّ أُورَشَليمَ كُلَّها قائِمَةٌ قاعِدة، فسارَ مِنَ وَقتِه بِجَماعَةٍ من الجُنودِ وقُوَّادِ المِائة، وأَسرَعَ فحَمَلَ علَيهِم. فلَمَّا رأَوا قائِدَ الأَلْفِ وجُنودَه كَفُّوا عن ضَرْبِ بوُلس. فدَنا إِلَيهِ قائِدُ الأَلْفِ فقَبَضَ علَيه وأَمَرَ بِأَن يُشَدَّ بِسِلسِلَتَين. ثُمَّ استَخبَرَ مَن عَساهُ أَن يَكونَ وماذا فَعَل. فكانَ بَعضُهما في الجَمعِ يُنادي بِشيَءٍ، وبَعضُهم يُنادي بشَيء آخَر. فلمَّا تَعذَّرَ علَيه في هذا الضَّجيجِ أَن يَعلَمَ شَيئًا أَكيدًا، أَمَرَ بِأَن يُساقَ إِلى القَلعَة. فلمَّا بَلَغَ السُلَّم، اِضطُرَّ الجُنودُ إِلى حَملِه بِسَبَبِ عُنفِ الجَمعْ، لأَنَّ جُمهورَ الشَّعبِ كانَ يَتبَعُه ويَصيح:((أَعدِمْه!)). فلمَّا أَوشَكَ بولُسُ أَن يَدخُلَ القَلعَة قالَ لِقائِدِ الأَلْف: ((أَيَجوُز لي أَن أَقولَ لَك شَيئًا؟)) فقالَ له: ((أَتَعرِفُ اليُونانيَّة؟ أَفَلَستَ المِصرِيَّ الَّذي أَثارَ مُنذُ أَيَّامٍ أَربَعَةَ آلافِ فَتَّاك، وخَرَجَ بِهم إِلى البَرِّيَّة؟)) قالَ بولُس: ((أَنا رَجُلٌ يَهودِيٌّ مِن طَرَسوسَ قيليقِية، مُواطِنُ مَدينةٍ غَيرِ مَجْهولَة. فَأَسأَلُكَ أَن تَأذَنَ لي بِأَن أُخاطِبَ الشَّعْب)). فأَذِنَ له، فوَقَفَ بولُسُ على السُلَّم، وأَشارَ بِيَدِه إِلى الشَّعب، فسادَ السُّكوت.
الرسالة: (2طيموثاوس 2/ 8-19)
واذكُرْ يسوعَ المسيحَ الَّذي قامَ مِن بَينِ الأَموات وكانَ مِن نَسْلِ داوُد، بِحَسَبِ بِشارَتي. وفي سَبيلِها أُعانِي المَشَقَّاتِ حَتَّى إِنِّي حَمَلتُ القُيودَ كالمُجرِم. ولكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لَيسَت مُقيّدَة. ولِذلِك أَصبِرُ على كُلِّ شَيءٍ مِن أَجْلِ المُختارين، لِيَحصُلوا هم أَيضا على الخَلاصِ الَّذي في المسيحِ يسوع وما إِلَيه مِنَ المَجْدِ الأَبَدِيّ. إِنَّه لَقولُ صِدْقٍ أَنَّنا ((إِذا مُتْنا مَعَه حَيِينا مَعَه وإِذا صَبَرنا مَلَكنا مَعَه وإِذا أَنكَرْناه أَنكَرَنا هو أَيضًا وإِذا كُنَّا غَيرَ أُمَناء ظَلَّ هو أَمينًا لأَنَّه لا يُمكِنُ أَن يُنكِرَ نَفْسَه)). ذَكِّرْهُم بِذَلِكَ وناشِدْهُم في حَضرَةِ اللهِ أَن يَتَجَنَّبوا المماحَكَة، فإِنَّها لا تَصلُحُ إِلاَّ لِهَلاكِ الَّذينَ يَسمَعونَها. واجتَهِدْ أَن تَكونَ في حَضرَةِ اللهِ ذا فَضيلَةٍ مُجَرَّبَةٍ وعامِلاً لَيسَ فيه ما يُخجَلُ مِنه، ومُفَصِّلاً كَلِمَةَ الحقّ على وَجْهٍ مُستَقيم. وتَجَنَّبِ الكَلامَ الفارِغَ الدُّنيَوِيّ، فالَّذينَ يَأتُونَ بِه يَزدادونَ في الكُفْرِ تَوَرُّطًا، وكَلامُهم مِثلُ الآكِلَةِ تَتَفَشَّى ومِن هؤُلاءِ هُومَنايُس وفيليطُسْ، فقَد حادا عَنِ الحَقِّ بِزَعمِهما أَنَّ القِيامَةَ قد حَدَثَت، وهَدَما إِيمانَ بَعضِ النَّاس. غَيرَ أَنَّ الأَساسَ الرَّاسِخَ الَّذي وَضَعَه اللهُ يَبْقى ثابِتًا. وقَد خُتِمَ بِختْمِ هذا الكَلام: ((إِنَّ الرَّبَّ يَعرِفُ الَّذينَ لَه)) و((لِيَتَجَنَّبِ الإِثْمَ مَن يَذكُرُ اسمَ الرَّبّ)).
الإنجيل: (متى 4/ 23 – 5/ 19)
وكانَ يَسيرُ في الجَليلِ كُلِّه، يُعَلِّمُ في مَجامِعِهم ويُعلِنُ بِشارَةَ المَلَكوت، ويَشْفي الشَّعبَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة. فشاعَ ذِكْرُه في سورِيةَ كُلِّها، فأَتَوه بِجَميعِ المَرْضى المُصابينَ بِمُختَلِفِ العِلَلِ والأَوجاع: مِنَ المَمْسوسينَ والَّذينَ يُصرَعونَ في رَأسِ الهِلال والمُقعَدينَ فشفاهم. فتَبِعَتْه جُموعٌ كَثيرةٌ مِنَ الجَليلِ والمُدُنِ العَشْرِ وأُورَشَليمَ واليَهودِيَّةِ وعِبْرِ الأُردُنّ. فلمَّا رأَى الجُموع، صَعِدَ الجَبَلَ وَجَلَسَ، فدَنا إِلَيه تَلاميذُه فشَرَعَ يُعَلِّمُهم قال: ((طوبى لِفُقراءِ الرُّوح فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات. طوبى لِلوُدَعاء فإِنَّهم يرِثونَ الأَرض. طوبى لِلْمَحزُونين، فإِنَّهم يُعَزَّون. طوبى لِلْجياعِ والعِطاشِ إِلى البِرّ فإِنَّهم يُشبَعون. طوبى لِلرُّحَماء، فإِنَّهم يُرْحَمون. طوبى لأَطهارِ القُلوب فإِنَّهم يُشاهِدونَ الله. طوبى لِلسَّاعينَ إِلى السَّلام فإِنَّهم أَبناءَ اللهِ يُدعَون. طوبى لِلمُضطَهَدينَ على البِرّ فإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات. طوبى لكم، إِذا شَتَموكم واضْطَهدوكم وافْتَرَوْا علَيكم كُلَّ كَذِبٍ مِن أَجلي، اِفَرحوا وابْتَهِجوا: إِنَّ أَجرَكم في السَّمَواتِ عظيم، فهكذا اضْطَهدوا الأَنبِياءَ مِن قَبْلِكم. ((أَنتُم مِلحُ الأَرض، فإِذا فَسَدَ المِلْح، فأيُّ شَيءٍ يُمَلِّحُه؟ إِنَّه لا يَصلُحُ بَعدَ ذلك إِلاَّ لأَنْ يُطرَحَ في خارِجِ الدَّار فَيَدوسَه النَّاس. ((أَنتُم نورُ العالَم. لا تَخْفى مَدينَةٌ قائِمَةٌ عَلى جَبَل، ولا يُوقَدُ سِراجٌ وَيُوضَعُ تَحْتَ المِكيال، بل عَلى المَنارَة، فَيُضِيءُ لِجَميعِ الَّذينَ في البَيْت. هكذا فَلْيُضِئْ نُورُكُم لِلنَّاس، لِيَرَوْا أَعمالَكُمُ الصَّالحة، فيُمَجِّدوا أَباكُمُ الَّذي في السَّمَوات.((لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُبْطِلَ الشَّريعَةَ أَوِ الأَنْبِياء ما جِئْتُ لأُبْطِل، بَل لأُكْمِل. الحَقَّ أَقولُ لَكم: لن يَزولَ حَرْفٌ أَو نُقَطَةٌ مِنَ الشَّريعَة حَتَّى يَتِمَّ كُلُّ شَيء، أَو تزولَ السَّماءُ والأَرض. فمَن خالفَ وَصِيَّةً مِن أَصْغَرِ تِلكَ الوَصايا وعَلَّمَ النَّاسَ أَن يَفعَلوا مِثْلَه، عُدَّ الصَّغيرَ في مَلَكوتِ السَّمَوات. وأَمَّا الَّذي يَعمَلُ بِها ويُعَلِّمُها فذاكَ يُعَدُّ كبيراً في ملكوتِ السَّمَوات.
التعليقات مغلقة.