الرسالة: (أفسس 4/ 9-16)
وما المُرادُ بِقَولهِ ((صَعِدَ)) سِوى أَنَّه نَزَلَ أَيضًا إِلى أَسافِلِ الأَرْض؟ فذاك الَّذي نَزَلَ هو نَفْسُه الَّذي صَعِدَ إِلى ما فَوقَ السَّمَواتِ كُلِّها لِيَمَلأَ كُلَّ شَيء، وهو الَّذي أَعْطى بَعضَهم أَن يَكونوا رُسُلاً وبَعضَهم أَنبِياء وبَعضَهم مُبَشِّرين وبَعضَهم رُعاةً ومُعلِّمين، لِيَجعَلَ القِدِّيسينَ أَهْلاً لِلقِيامِ بِالخِدمَة لِبِناءِ جَسَدِ المسيح، فنَصِلَ بِأَجمَعِنا إِلى وَحدَةِ الإِيمانِ بِابنِ اللهِ ومَعرِفَتِه ونَصيرَ الإِنسان الرَّاشِد ونَبلُغَ القامةَ الَّتي تُوافِقُ كَمالَ المسيح. فإِذا تَمَّ ذلِكَ لم نَبْقَ أَطْفالاً تَتقاذَفُهم أَمْواجُ المَذاهِب وَيعبَثُ بِهِم كُلُّ رِيح فيَخدَعُهمُ النَّاسُ ويَحتالونَ علَيهم بِمَكرِهِم لِيُضِلُّوهم. وإِذا عَمِلْنا لِلحَقِّ بِالمَحبَّة نَمَونا وتَقدَّمْنا في جَميعِ الوُجوه نَحوَ ذاك الَّذي هو الرَّأس، نَحوَ المسيح: فإِنَّ به إِحكامَ الجَسَدِ كُلِّه والتِحامَه، والفَضْلَُ لِجَميعِ الأَوصالِ الَّتي تَقومُ بِحاجَتِه، لِيُتابِعَ نُمُوَّه بِالعَمَلِ المُلائِمِ لِكُلٍّ مِنَ الأَجْزاء وَيبْنِيَ نَفسَه بِالمَحبَّة.
الإنجيل: (يوحنا 21/ 20-25)
فالتفَتَ بُطرُس، فرأَى التِّلميذَ الَّذي أَحَبَّهُ يسوعُ يَتبَعُهما، ذاكَ الَّذي مالَ على صَدرِ يسوعَ في أَثناءِ العشاء وقالَ له: ((يا ربّ، مَنِ الَّذي يُسلِمُكَ؟)) فلَمَّا رَآهُ بُطرس قالَ لِيسوع: ((يا ربّ، وهذا ما شأنُه؟)) قالَ لَه يسوع: ((لو شِئتُ أَن يَبْقى إِلى أَن آتي، فما لَكَ وذلك؟ أَمَّا أَنتَ فَاتبَعْني)). فشاعَ بَينَ الإخوَةِ هذا القول: إِنَّ ذلِكَ التِّلميذَ لَن يَموت، مَعَ أَنَّ يسوعَ لَم يَقُلْ إِنَّه لَن يَموت، بل قالَ له: لو شِئتُ أَن يَبْقى إِلى أَن آتي، فما لكَ وذلك؟ وهذا التِّلميذُ هو الَّذي يَشهَدُ بِهذِه الأُمور وهو الَّذي كَتَبَها، ونَحنُ نَعلَمُ أَن شَهادتَه صادِقَة. وهُناكَ أُمورٌ أُخرى كثيرةٌ أتى بِها يسوع، لو كُتِبَت واحِداً واحِداً، لَحَسِبتُ أَنَّ الدُّنْيا نَفْسَها لا تَسَعُ الأَسفارَ الَّتي تُدَوَّنُ فيها.
التعليقات مغلقة.