القراءة الأولى: (1صموئيل 7/ 3-9)
فكَلَّمَ صَموئيلُ بَيتَ إِسْرائيلَ كُلَّه وقالَ لَهم: “إِن كُنتُم راجِعينَ إِلى الرَّبِّ مِن كُلِّ قلوبِكم، فأَبعِدوا الآلِهَةَ الغَريبَةَ والعَشْتاروتَ مِن بَينكم، وثَبِّتوا قُلوبَكم في الرَّبّ، واعبُدوه وَحدَه فيُنقِذَكم مِن يَدِ الفَلِسطينيِّين”. فأَبعَدَ بَنو إِسْرائيلَ عنهمُ البَعلَ والعَشْتاروت، وعَبَدوا الرَّبَّ وَحدَه. فقالَ صَموئيل: ”اُحشُدوا كُلَّ إِسْرائيلَ إِلى المِصْفاة، فأُصَلِّيَ لأَجلِكم إِلى الرَّبّ”. فاجتَمَعوا في المِصْفاة، واستَقَوا ماءً وصَبُّوه أَمامَ الرَّبّ، وصاموا في ذلك اليَومَ وقالوا هُناك: “قد خطِئْنا إِلى الرَّبّ”. وقضى صَموئيلُ لِبَني إِسْرائيلَ في المِصْفاة. وسَمِعَ الفَلِسطينِيُّونَ أَنَّ بَني إِسْرائيلَ قدِ اجتَمَعوا في المِصْفاة. فصَعِدَ أَقْطابُ الفَلِسطينيِّينَ على إِسْرائيل. فلَمَّا سَمعَ بَنو إِسْرائيل، خافوا مِنَ الفَلِسطينِيِّين. وقالَ بَنو إِسْرائيلَ لِصَموئيل: ((لا تَكُفَّ عنِ الصُّراخِ لأَجلِنا إِلى الرَّبِّ إِلهِنا لِيُخَلِّصَنا مِن يَدِ الفَلِسطينيِّين)). فأَخَذَ صَموئيلُ حَمَلاً رَضيعًا وأَصعَدَه مُحرَقَةً كامِلَةً لِلرَّبّ، وصَرَخَ صَموئيلُ إِلى الرَّبِّ لأَجلِ إِسْرائيل، فاستَجابَ لَه الرَّبّ.
القراءة الثانية: (إشعيا 59/ 1-18)
يَدُ الرَّبِّ لا تَقصُرُ عنِ الخَلاص وأُذُنُه لا تَثقُلُ عنِ السَّماع لكِنَّ آثامَكم فَرَّقَت بَينَكم وبَينَ إِلهِكم وخَطاياكم حَجَبَت وَجهَه عنكم فلا يَسمعَ لِأَنَّ أَكُفَّكم تَلَطَّخَت بِالدَّم وأَصابعَكم بِالإِثْم وشِفاهَكم نَطَقَت بِالكَذِب وأَلسِنَتَكم تمتَمت بِالإثْم. لَيْسَ مِن مُدَّع بِالبِرّ ولا مُحاكِمٍ بِالصِّدْق. يَتَّكِلونَ على الخَواءِ ويَنطِقونَ بِالباطِل يَحبَلونَ بِالظُّلمِ ويَلِدونَ الإِثْم. يَنقُفونَ بَيضَ الحَيَّات ويَنسِجونَ خيوطَ العَنْكَبوت. وبَيضُهم مَن أَكَلَ مِنه يَموت وما كُسِرَ مِنه يَنشَقُّ عن أَفْعى. خيوطُهم لا تَصيرُ ثَوباً ولا يَكتَسونَ بِأَعْمالِهم لِأَنَّ أَعْمالَهم أَعْمالُ إِثْم وفِعْلَ العُنْفِ في أَكُفِّهم. أَرجُلُهم تَسْعى إِلى الشَّرّ وتُسارعُ إِلى سَفكِ الدَّمِ البَريء. أَفْكارُهم أَفْكارُ الإِثْم وفي مَسالِكِهم دَمارٌ وتَحْطيم. لم يَعرِفوا طَريقَ السَّلام ولا حَقَّ في سُبُلِهم. قد جَعَلوا دُروبَهم مُعوَجَّة كُلُّ من سَلَكها لا يَعرِفُ السَّلام. لِذلك ابتَعَدَ الحَقُّ عَنَّا ولم يُدركْنا البِرّ. نَتَرَقَّبُ النُّورَ فإِذا بِالظَّلام والضِّياءَ فإذا بِنا سائِرون في الدَّيجور. نَتَجَسَّسُ الحائِطَ كالعُمْيان وكمَن لا عَينَي لَه نَتَجَسَّس. نَعثُرُ في الظَّهيرَةِ كما في العَتَمَة ونَحنُ بَينَ الأَصِحَّاءِ كأَنَّنا أَمْوات. نَزأَرُ كُلُّنا كالأَدْباب ونَنوحُ كالحَمام. نَتَرَقَّبُ الحَقَّ ولا يَكون والخَلاصَ وقدِ ابتَعَدَ عنَّا لِأَنَّ مَعاصِيَنا قد كَثُرَت تُجاهَكَ وخَطايانا شاهِدَةٌ علَينا لِأَنَّ مَعاصِيَنا معَنا وآثامَنا قد عَرَفْناها: العِصْيانَ والكَذِبَ على الرَّبّ والِارتدادَ مِن وَراءِ إِلهِنا والنُّطقَ بالظّلمِ والتَّمَرُّد والحَبَلَ بكَلامِ الكَذِب والتَّمتَمَةَ به فيَ القَلْب. فارتَدَّ الحُكمُ إِلى الوَراء ووَقَفَ البِرُّ بَعيداً لِأَنَّ الحَقَّ عَثَرَ في السَّاحة والِاستِقامَةَ لم تَقدِرْ على الدُّخول وصارَ الحَقُّ مَفْقوداً والمُعرِضُ عنِ الشَّرِّ مَسْلوباً. وقد رأَى الرَّبُّ فساءَ في عَينَيه أَن لا يَكونَ حُكمٌ هُناكَ ورأى أَنَّه لَيسَ هُناكَ إِنْسان ودَهِشَ أَن لا يَتَدَخَّلَ أَحَد فذِراعُه هي أَنجَدَته وبِرُّه هو أَيَّدَه. فلَبِسَ البِرَّ كدِرْعٍ وخوذَةَ الخَلاصِ على رَأسِه وأرتَدَى ثِيابَ الِانتِقامِ لِباساً وتَجَلبَبَ بِالغَيرَةِ رِداءً. على حَسَبِ الأَعمَالِ هكذا يَجْزي: فالغَضَبُ بخُصومِه والِانتِقامُ لِأَعْدائِه ويَجْزي الجُزُرَ الِانتِقام.
الرسالة: (روما 12/ 1-12)
إِنِّي أُناشِدُكم إِذًا، أَيُّها الإِخوَة، بِحَنانِ اللّهِ أَن تُقَرِّبوا أَشْخاصَكم ذَبيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسةً مَرْضِيَّةً عِندَ الله. فهذِه هي عِبادَتُكمُ الرّوحِيَّة. ولا تَتشَبَّهُوا بِهذِه الدُّنيا، بل تَحَوَّلوا بِتَجَدُّدِ عُقولِكم لِتَتَبيَّنوا ما هي مَشيئَةُ الله، أَي ما هو صالِحٌ وما هو مَرْضِيٌّ وما هو كامِل. أَقولُ لِكُلٍّ مِنكُم بِاسمِ النِّعمَةِ المَوهوبَةِ لي: لا تَذهَبوا في الاعتِدادِ بِأَنفُسِكم مَذهَبًا يُجاوِزُ المَعقول، بل تَعَقَّلوا فتَكونوا مِنَ العُقَلاء، كُلُّ واحِدٍ على مِقْدارِ ما قَسَمَ اللهُ لَه مِنَ الإِيمان. فكما أَنَّ لَنا أَعضاءً كَثيرةً في جَسَدٍ واحِد، ولَيسَ لِجَميعِ هذِه الأَعضاءِ عَمَلٌ واحِد، فكذلِكَ نَحنُ في كَثْرَتِنا جَسَدٌ واحِدٌ في المسيح لأَنَّنا أَعضاءُ بَعضِنا لِبَعْض. ولَنا مَواهِبُ تَختَلِفُ بِاختِلافِ ما أُعْطينا مِنَ النِّعمَة: فمَن لَه مَوهِبةُ النُّبُوَّة فلْيَتَنَبَّأْ وَفْقًا لِلإِيمان، ومَن لَه مَوهِبةُ الخِدمَة فلْيَخدُمْ، ومَن لَه التَّعْليم فلْيُعَلِّمْ، ومَن لَه الوَعْظ فلْيَعِظْ، ومَن أَعْطى فلْيُعطِ بنِيَّةٍ صافِية، ومَن يَرْئِسْ فلْيَرئِسْ بِهِمَّة. ومَن يَرحَم فلْيَرحَمْ بِبَشاشَة، ولْتَكُنِ المَحبَّةُ بِلا رِياء. إِكرَهوا الشَّرَّ والزَموا الخَيْر. لِيَوَدًّ بَعضُكم بَعضًا بمَحَبَّةٍ أَخَوِيَّة. تَنافَسوا في إِكرامِ بَعضِكُم لِبَعض. إِعمَلوا لِلرَّبِّ بِهِمَّةٍ لا تَفتُر ورُوحٍ مُتَّقد. كُونوا في الرَّجاءِ فَرِحين وفي الشِّدَّةِ صابِرين وعلى الصَّلاةِ مُواظِبين.
الإنجيل: (لوقا 18/ 2-14)
قال: ((كانَ في إِحدى المُدُنِ قاضٍ لا يَخافُ اللهَ ولا يَهابُ النَّاس. وكانَ في تلك المَدينَةِ أَرمَلَةٌ تَأتيهِ فتَقول: أَنصِفْني من خَصْمي. فأَبى علَيها ذلِكَ مُدَّةً طَويلة، ثُمَّ قالَ في نَفْسِه: أَنا لا أَخافُ اللهَ ولا أَهابُ النَّاس، ولكِنَّ هذِه الأَرمَلَةَ تُزعِجُني، فسَأُنصِفُها لِئَلاَّ تَظَلَّ تَأتي وتَصدَعَ رَأسي)). ثّمَّ قالَ الرَّبّ: ((اِسمَعوا ما قالَ القاضي الظَّالِم. أَفما يُنصِفُ اللهُ مُختاريهِ الَّذينَ يُنادونه نهاراً ولَيلاً وهو يَتَمهَّلُ في أَمرِهم؟ أَقولُ لَكم: إِنَّه يُسرِعُ إِلى إِنصافِهم. ولكِن، متى جاءَ ابنُ الإِنسان، أَفَتُراه يَجِدُ الإِيمانَ على الأَرض؟)) وضرَبَ أَيضاً هذا المَثَلَ لِقَومٍ كانوا مُتَيَقِّنينَ أّنَّهم أَبرار، ويَحتَقِرونَ سائرَ النَّاس: ((صَعِدَ رَجُلانِ إِلى الهَيكَلِ لِيُصَلِّيا، أَحَدُهما فِرِّيسيّ والآخَرُ عشار. فانتَصَبَ الفِرِّيسيُّ قائِماً يُصَلَّي فيَقولُ في نَفْسِه: ((الَّلهُمَّ، شُكراً لَكَ لِأَنِّي لَستُ كَسائِرِ النَّاسِ السَّرَّاقينَ الظَّالمِينَ الفاسقِين، ولا مِثْلَ هذا العشار؟ إِنَّي أَصومُ مَرَّتَيْنِ في الأسبوع، وأُؤَدِّي عُشْرَ كُلِّ ما أَقتَني)). أَمَّا العشار فوَقَفَ بَعيداً لا يُريدُ ولا أَن يَرَفعَ عَينَيهِ نَحوَ السَّماء، بل كانَ يَقرَعُ صَدرَه ويقول: ((الَّلهُمَّ ارْحَمْني أَنا الخاطئ!)) أَقولُ لَكم إِنَّ هذا نَزَلَ إِلى بَيتِه مَبروراً وأَمَّا ذاكَ فلا. فكُلُّ مَن رَفَعَ نَفْسَه وُضِع، ومَن وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِع)).
التعليقات مغلقة.