أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء المقابلة العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس، وانطلق قداسته في تعليمه الأسبوعي من الزيارة الرسولية إلى البحرين التي أجراها من ٣ حتى ٦ تشرين الثاني نوفمبر الجاري. وبدأ الأب الأقدس بتوجيه الشكر إلى مِن رافقوا هذه الزيارة بالصلاة، وأيضا إلى جلالة ملك البحرين والسلطات والكنيسة وسكان هذا البلد على حفاوة الاستقبال، كما وشكر قداسته مَن قاموا بتنظيم الزيارة الرسولية.
مشيرا إلى ما قد يُطرح من سؤال حول سبب أن يتوجه البابا إلى زيارة هذا البلد الصغير ذي الأغلبية المسلمة، وقال إنه يريد الإجابة باستخدام ثلاث كلمات: الحوار واللقاء والمسيرة. وبدأ الأب الأقدس بالحديث عن الحوار مذكرا بأن الزيارة الرسولية إلى البحرين أتت استجابة لدعوة من الملك للمشاركة في ملتقى للحوار بين الشرق والغرب، والحوار يخدم في اكتشاف غنى مَن ينتمي إلى شعوب وتقاليد وديانات أخرى. وأراد قداسته في هذا السياق الإشارة إلى عدم العيش في عزلة في البحرين، وهذا ما يتطلبه السلام. ووصف هنا الحوار بأوكسيجين السلام، كما وذكَّر بتأكيد المجمع الفاتيكاني الثاني ستين عاما مضت على أن بناء السلام يستدعي الابتعاد عن أية أنانية قومية أو تطلعات استعلائية، يتطلب بالأحرى احتراما عميقا للبشرية بأسرها. وأضاف البابا فرنسيس أنه لمس في البحرين هذه الحاجة وأعرب عن الرجاء في أن يتمكن المسؤولون الدينيون في العالم بكامله من النظر إلى ما هو خارج حدودهم وجماعاتهم وذلك للعناية بالجميع. وواصل البابا أن هكذا فقط يمكن مواجهة قضايا مثل تناسينا لله، مأساة الجوع، حماية الخليقة والسلام. وأشار قداسته بعد ذلك إلى دعوة ملتقى البحرين إلى اختيار درب اللقاء ونبذ الصراع، وتحدث من جهة أخرى عن الحرب سواء في أوكرانيا أو غيرها من دول مثل اليمن وسوريا وميانمار، مشيرا إلى أن النزاعات لا تُحل بمنطق السلاح الطفولي بل فقط بقوة الحوار.
الحديث عن الكلمة الثانية، اللقاء، وشدد في هذا السياق على أنه لا يمكن أن يكون هناك حوار بدون لقاء. وتوقف الأب الأقدس هنا عند اللقاءات التي تضمنتها زيارته الرسولية إلى البحرين، فأشار إلى اللقاء مع الإسلام منوها إلى أنه لمس مرات كثيرة ظهور رغبة في تزايد اللقاءات بين المسيحيين والمسلمين وتعزيز الروابط بينهم. ولفت الأنظار هنا إلى العادة الشرقية المتمثلة في وضع اليد على القلب خلال تحية الآخرين وأضاف أنه قام بهذا بدوره خلال اللقاءات. وواصل أنه يفكر في لقائه الأخ العزيز الإمام الأكبر شيخ الأزهر، ولقائه الشباب الذين يدرسون معا ما بين مسيحيين ومسلمين في مدرسة القلب الأقدس والتي أراد الأب الأقدس توجيه الشكر إلي مديرتها الراهبة الأخت روزاليا. كما وأشار أيضا إل لقائه أعضاء مجلس حكماء المسلمين.
وفي حديثه عن الكلمة الثالثة، المسيرة، شدد البابا فرنسيس على ضرورة تفادي النظر إلى أسرته الرسولية إلى البحرين كحدث منفرد، بل هي جزء من مسيرة بدأها البابا القديس يوحنا بولس الثاني بتوجهه إلى زيارة المغرب. وتابع أن زيارته إلى البحرين كأول حبر أعظم يزور هذا البلد تشكل خطوة جديدة في المسيرة بين المؤمنين المسيحيين والمسلمين، وذلك من أجل عهد أخوي باسم إبراهيم الذي كان حاجا على الأرض تحت النظرة الرحومة لرب السماء الواحد، إله السلام، ولهذا اختير شعار الزيارة الرسولية “السلام في الأرض للناس ذوي الإرادة الصالحة”. وتوقف البابا هنا عند أهمية الحفاظ على الهوية في الحوار.
أن هذه الكلمات الثلاث، الحوار واللقاء والمسيرة، قد تم تحقيقها على أرض الواقع في البحرين بين المسيحيين أيضا. وذكَّر هنا بلقاء الصلاة المسكوني من أجل السلام بمشاركة بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول والأخوة والأخوات من الكنائس الأخرى. وتابع قداسته أن الأخوة والأخوات في الغيمان الذين التقاهم في البحرين يعيشون بالفعل مسيرة، وأشار إلى أنهم عاملون أجانب يعيشون بعيدا عن أوطانهم ويجدون جذورهم في كلمة الله وعائلتهم هي عائلة الكنيسة الكبيرة. وتحدث البابا عن تجمع هؤلاء المؤمنين ومواصلتهم السير بفرح وبثقة في رجاء الله الذي لا يُخيب. وتجدر الإشارة إلى حديث البابا فرنسيس من جهة أخرى عن لقائه خلال زيارته الرسولية في البحرين الرعاة والمكرسين والمكرسات والعاملين الرعويين، وأيضا عن ترؤسه القداس الإلهي في الاستاد بحضور مؤمنين قدموا من دول خليجية أخرى، وأضاف أنه نقل إلى الجميع محبة الكنيسة بأسرها.
وفي ختام تعليمه الأسبوعي خلال المقابلة العامة مع المؤمنين دعا قداسة البابا الجميع إلى توسيع الآفاق وفتح القلوب بدلا من إغلاقها، وزيادة الاهتمام وتكريس الذات لمعرفة الآخرين. وأضاف أن مسيرة الأخوة والسلام تحتاج إلى الجميع وإلى كل فرد من أجل التقدم إلى الأمام.
التعليقات مغلقة.