أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس وواصل تعليمه حول الشيخوخة متوقفًا عند المزمور الحادي والسبعين وقال إن صلاة المسن الجميلة التي نجدها في هذا المزمور تشجعنا على التأمل في التوتر الشديد الذي يسود حالة الشيخوخة عندما تخضع ذكرى الصعاب التي تم تخطيها والبركات التي تم تلقيها لامتحان الإيمان والرجاء. وأشار الأب الأقدس إلى أن المحنة تظهر في الضعف الذي يرافق التقدم في السن وأضاف أن صاحب المزامير – المسنّ الذي يتوجه إلى الرب – يشير بوضوح إلى أن هذا يصبح ظرفًا للتخلي والخداع والمراوغة والعجرفة التي تنهال أحيانا على المسن. إنه شكل من أشكال الجبن تخصّصنا فيه في مجتمعنا. لافتًا إلى أن هناك مَن يستغل كبار السن ليخدعهم ويخيفهم بطرق كثيرة، وقال: نقرأ غالبا في الصحف أو نسمع أخبارا عن مسنين يتم الاحتيال عليهم للاستيلاء على مدخراتهم؛ أو يتم تركهم بدون حماية ورعاية؛ أو الإساءة إليهم من خلال الازدراء واخافتهم لكي يتخلوا عن حقوقهم. وحتى في العائلات – قال البابا فرنسيس – تحدث مثل هذه الأمور القاسية.
أنه ينبغي على المجتمع بأسره الإسراع للاعتناء بكبار السن الذين يتزايد عددهم وغالبًا ما يتعرّضون للترك، وأشار إلى أنه عندما نسمع عن مسنين محرومين من استقلاليتهم وسلامتهم وحتى من مسكنهم، ندرك أن تناقض مجتمع اليوم إزاء المسنين ليس مشكلة حالة طوارئ عرضية، إنما علامة لثقافة الإقصاء التي تسمم العالم الذي نعيش فيه. وأشار البابا فرنسيس إلى أن المسن في المزمور الحادي والسبعين يحدّث الله عن يأسه “فإن أعدائي عليّ يتكلَّمون والمترصّدينَ لنفسي معا يتآمرون ويقولون: “إن الله قد تركَهُ فلاحِقوه وأمسِكوه فليس له منقذ” (مزمور ٧١: ١٠ – ١١). أن التبعات وخيمة. فالشيخوخة لا تفقد كرامتها وحسب وإنما يُشكَّك أيضا في استحقاقها الاستمرار. وبالتالي نميل جميعا إلى إخفاء ضعفنا ومرضنا وسنّنا وشيخوختنا لأننا نخشى أن تكون مقدّمة لفقداننا الكرامة. هل من الإنسانية التسبّب في هذا الشعور؟ كيف يمكن للحضارة الحديثة، المتقدمة والفعالة، أن تكون منزعجة بهذا الشكل إزاء المرض والشيخوخة؟ وكيف يمكن للسياسة التي تبدو مهتمة بتحديد معايير عيش كريم، أن تكون في الوقت نفسه غير مكترثة بتعايش مُحب كريم مع المسنين والمرضى؟
أن المسن في هذا المزمور الذي يرى شيخوخته كهزيمة، يُعيد اكتشاف ثقته بالرب، يشعر بالحاجة إلى المساعدة ويتوجه إلى الله. ويتضرّع صاحب المزمور المسن قائلا “أنقذني ونجِّني، أمِل إليَّ أُذُنَك وخلّصني. كُن لي صخرة حصنٍ ألتجئ إليها في كل حين، فقد أمرتَ بتخليصي لأنكَ صخرتي وحصني” (مزمور ٧١: ٢ – ٣). أن التضرع يشهد لأمانة الله ويطلب قدرته على هز الضمائر المنحرفة بسبب فقدان الإحساس إزاء الحياة التي ينبغي حمايتها بكليتها. وتوقف مجددا عند المزمور الحادي والسبعين “ألّلهم لا تبتعد عني يا إلهي أَسرع إلى نصرتي. ليَخْزَ المعادون لنفسي ويفنوا وليلتحف العارَ والفضيحةَ طالبو مَساءتي” (مزمور ٧١: ١٢ – ١٣).
يجب أن يقع الخزي على الذين يستغلون ضعف المرض والشيخوخة ، وأضاف أن الصلاة تجدد في قلب المسن وعد أمانة الله وبركته. يكتشف المسن الصلاة مجددا ويشهد لقوّتها. إن يسوع، في الأناجيل، لا يرفض أبدا صلاة مَن يحتاج إلى مساعدة. يستطيع المسنون أن يعلّموا مَن هم في أعمار مختلفة أننا نحتاج جميعا إلى أن نسلّم أنفسنا للرب ونطلب معونته. وهكذا علينا جميعا أن نتعلّم من الشيخوخة: هناك عطية في الشيخوخة هي تسليم الذات لعناية الآخرين، بدءا من الله نفسه.
وفي ختام مقابلته العامة مع المؤمنين صباح اليوم الأربعاء، قال البابا فرنسيس هناك إذا “تعليم للضعف” بإمكان الشيخوخة أن تذكّر به طيلة الحياة البشرية. وهذا التعليم يفتح أفقًا حاسما من أجل إصلاح حضارتنا. وهو إصلاح ضروري لصالح تعايش الجميع. فتهميش المسنين يُفسد جميع مراحل الحياة لا الشيخوخة وحسب. تذكَّر أنكَ أنت أيضا ستُصبح مسنًا، وكما تريد أن تتم معاملتك في الشيخوخة، عامِل المسنين اليوم. إنهم ذاكرة العائلة والبشرية والبلاد. ليهب الرب المسنين الذين هم جزء من الكنيسة سخاء هذا التضرع والحث، من أجل خير الجميع
التعليقات مغلقة.