استهلَّ الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول هناك اعتراض جذري للصلاة ينبع من ملاحظة نقوم بها جميعًا: نصلي ونطلب ولكن أحيانًا تبدو صلواتنا غير مسموعة: ما طلبناه – لنا أو للآخرين – لم يتحقق. وإذا كان السبب الذي صلّينا من أجله نبيلاً (كالشفاعة من أجل صحة مريض ما أو من أجل نهاية حرب)، فإن عدم استجابة صلاتنا قد يبدو لنا سبب عثرة. حتى أن البعض يتوقفون عن الصلاة لأنهم يعتقدون أن طلباتهم لم تُستجاب. إذا كان الله أبًا، فلماذا لا يصغي إلينا؟ هو الذي أكد لنا أنّه يعطي الأمور الصالحة الخير للأبناء الذين يسألونه إياها، فلماذا لا يستجيب لطلباتنا؟
تابع البابا فرنسيس يقول يقدِّم لنا التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ملخّصًا جيّدًا حول المسألة. ويحذّرنا من خطر ألا نعيش خبرة إيمان حقيقية وأن نحوِّل العلاقة مع الله إلى شيء سحري. في الواقع، عندما نصلي، يمكننا أن نقع في خطر ألا نكون نحن من يخدمون الله، وإنما أن ندّعي بأن يكون هو الذي يخدمنا. إنها إذن صلاة تتطلب على الدوام، وتريد أن توجّه الأحداث وفقًا لخطتنا، ولا تقبل بمشاريع أخرى غير رغباتنا. أما يسوع فقد تمتّع بحكمة عظيمة إذ وضع على شفاهنا “صلاة الأبانا”. إنها صلاة طلبات فقط، كما نعلم، ولكن الطلبات الأولى التي نلفظها هي كلها لله، فهي تطلب ألا يتحقق مشروعنا بل إرادته تجاه العالم. من الأفضل أن نترك الأمر له: “ليتقدس اسمك، ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك”.
أضاف الأب الأقدس يقول يذكّرنا بولس الرسول أننا لا نعرف حتى ما هو مناسب أن نطلبه. عندما نصلي يجب أن نكون متواضعين، لكي تكون كلماتنا صلوات فعليّة وليست سخافات يرفضها الله. يمكن للمرء أيضًا أن يصلي لأسباب خاطئة: على سبيل المثال، لهزيمة العدو في الحرب، دون أن يتساءل ما هو رأي الله في تلك الحرب. من السهل أن تكتب على لافتة “الله معنا”. كثيرون حريصون على التأكد من أن الله معهم، لكن القليل منهم يهتم بالتحقق مما إذا كانوا هم فعلاً مع الله، وفي الصلاة، الله هو الذي يجب أن يجعلنا نرتدّ، ولسنا نحن الذين يجب عليهم أن يجعلوا الله يرتدّ.
تابع الحبر الأعظم يقول ومع ذلك، يبقى سبب العثرة: عندما يصلي البشر بقلب صادق، وعندما يطلبون خيورًا تتوافق مع ملكوت الله، وعندما تصلي الأم من أجل ابنها المريض، لماذا يبدو أحيانًا أن الله لا يصغي؟ لكي نجيب على هذا السؤال، يجب علينا أن نتأمَّل بهدوء في الأناجيل. إنّ روايات حياة يسوع مليئة بالصلوات: العديد من الأشخاص مجروحين في الجسد والروح يطلبون منه الشفاء؛ هناك من يرفع صلاته له من أجل الصديق الذي لم يعد يمشي؛ هناك آباء وأمهات يحملون إليه الأبناء والبنات المرضى … جميع هذه الصلوات مُشبَعة بالألم والمعاناة. إنها جوق هائل يصلّي ويطلب : “ارحمنا”!
أضاف البابا فرنسيس يقول نرى أنه في بعض الأحيان أن جواب يسوع يكون فوريًا، بينما في بعض الحالات الأخرى يتم تأجيله في الزمن. لنفكر في المرأة الكنعانية التي تتوسل يسوع من أحل ابنتها: لقد وُجِبَ على هذه المرأة أن تُصرّ لفترة طويلة لكي تُستجاب. أو لنفكر في المُخلَّع الذي حمله أصدقاؤه الأربعة: في البدء غفر يسوع خطاياه وبعد ذلك فقط شفاه في الجسد. لذلك، في بعض الحالات، لا يكون حل المأساة فوريًا.
وخلُص الأب الأقدس إلى القول من وجهة النظر هذه، فإن شفاء ابنة يائيرُس يستحق الاهتمام. هناك أب يركض منقطع الأنفاس: ابنته مريضة ولهذا السبب يطلب مساعدة يسوع. قبِلَ المعلّم على الفور، ولكن أثناء عودتهما إلى البيت حدث شفاء آخر، ومن ثمَّ بلغهما الخبر بأن الطفلة قد ماتت. يبدو أنها النهاية، لكن يسوع قال لأبيها: “لا تَخَف، آمِن فقط!”. “أُثبُت على الإيمان”: الإيمان هو الذي يعضد الصلاة، في الواقع لقد أيقظ يسوع الطفلة من رقاد الموت، ولكن لبعض الوقت، وُجب على يائيرس أن يسير في الظلام بشعلة الإيمان الصغيرة فقط. كذلك الصلاة التي وجهها يسوع إلى الآب في الجتسماني تبدو وكأنها لم تُستجاب، وسيتعين على الابن أن يشرب كأس الآلام حتى النهاية؛ لكنَّ سبت النور ليس الفصل الأخير، لأنّه في اليوم الثالث هناك القيامة: إنَّ الشر هو سيد اليوم ما قبل الأخير، وليس اليوم الأخير. لأن اليوم الأخير يخصُّ الله وحده، وهو اليوم الذي تتحقق فيه جميع أشواق البشريّة للخلاص.
نقلاً عن فاتيكان نيوز
التعليقات مغلقة.