القراءة الأولى: (تثنية 18/ 9-22)
إِذا دَخلتَ الأرضَ الَّتي يُعْطيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ إِيَّاها، فلا تتعَلَّمْ أن تَصنَعَ مِثْلَ قَبائِح تِلكَ الأُمَم. لا يَكُنْ فيكَ مَن يُحرِقُ اَبنَه أَوِ اَبنَتَه بالنَّار، ولا مَن يَتَعاطى عِرافةً ولا مُنجّمٌ ولا مُتَكَهًّنٌ ولا ساحِر، ولا مَن يُشَعوِذُ ولا مَن يَستَحضِرُ الأَشْباحَ أَوِ الأَرْواحِ ولا من يَستَشير المَوتى، لأنَّ كُلَّ مَن يَصنعُ ذلك هو قبيحَة عِندَ الرَّبّ، وبسَبَبِ تِلكَ القَبائِح سَيَطرُدُ الرَّبُّ إِلهُكَ تِلكَ الأُمَمَ مِن أَمامِكَ. بل كُنْ كامِلاً لَدى الرَّبِّ إِلهِكَ، لأَنَّ تِلكَ الأمَمَ الَّتي أَنتَ طارِدُها تُصغي إلى المُنَجِّمينَ والعَرَّافين. وأَّما أَنتَ فلَم يُجزِ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِثْلَ ذلك. يُقيمُ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِثْلي مِن وَسْطِكَ، مِن إِخوَتكَ، فلَه تَسْمَعون، وَفقًا لِكُل ما سَأَلتَه الرَّبَّ إِلهَكَ في حوريب، في يَوم الاِجْتماعَ، قائلاً: لَن أُواصِلَ سمَاعَ صَوتِ الرَّبِّ إِلهي ولَن أَرى بَعدَ الآنَ هذه النَّارَ العَظيمة، لِئَلاَّ أَموت. فقالَ لِيَ الرَّبّ: قد أَحسَنوا فما قالوا. سأُقيمُ لَهم نَبِيُّا مِن وَسْطِ إخوَتِهم مِثلَكَ، وأَجعَلُ كلامي في فَمِه، فيُخاطِبُهم بِكُلِّ ما آمُرُه به. وأَيُّ رَجُلٍ لم بَسمَعْ كَلاميَ الذي يَتَكلَمُ بِه بِاسمْي، فإِنِّي أُحاسِبُه علَيه. ولكن أَيُّ نَبِيٍّ اعتَدَّ بنَفْسِه فقالَ بِاَسْمي قَولاً لم آمُرْه أَن يَقولَه، أَو تكَلَّمَ بِاَسمِ آِلهَةٍ أُخْرى، فليَقتَلْ ذلك النَّبِيّ. فإِن قُلتَ في قَلبكَ: كَيفَ نَعرِفُ القَولَ الَّذي لم يَقُلْه الرَّبّ؟ فإِن تَكَلَّمَ النَّبِيُّ بِاَسمِ الرَّبِّ ولم يَتمَّ كَلامُه ولم يَحدُثْ، فذلك الكَلامُ لم يَتَكلَمْ بِه الرَّبّ، بل لِلاَعتِدادِ بِنَفْسِه نَكلَمَ بِه النَّبِيّ، فلا تَهَبْه.
القراءة الثانية: (إشعيا 48/ 12-20)
إِسمَعْ لي يا يَعْقوب ويا إِسْرائيلُ الَّذي دَعَوتُه أَنا هو، أَنا الأول وأَنا الآخِر. يَدي أَسَّسَتِ الأَرض ويَميني بَسَطَتِ السَّمَوات. أَدْعوهُنَّ فيَقِفنَ جَميعاً. اجتَمِعوا كُلُّكم واسمَعوا مَن مِنهم أَخبَرَ بِهذه؟ إِنّ الَّذي أَحَبَّه الرَّبّ هو يَقْضي مَشيئَتَه على بابِل وذِراعُه هي الَّتي تَكونُ على الكَلْدانِيِّين. أَنا أَنا تَكَلَّمتُ ودَعَوتُه وأَتَيتُ بِه، وسيَنجَحُ طَريقُه. تَقَدَّموا إِلَيَّ واسمَعوا هذه: إِنِّي مِنَ البَدءِ لم أتكَلَّمْ في خُفْيَة. أَنا مِن قَبلِ أَن يَحدُثَ الأَمرُ كنتُ هُناك والآنَ أَرسَلَني السَّيِّدُ الرَّبّ هو وروحُه. هكذا قالَ الرَّبُّ فاديكَ قُدُّوسُ إِسْرائيل: أَنا الرَّبُّ إِلهُك الَّذي يُعَلِّمُكَ ما يَنفعَ ويَهْديكَ الطَّريقَ الَّذي تَسيرُ فيه. لَيتَكَ أَصغَيتَ إلى وَصاياي فكانَ سَلامُكَ كالنَّهرِ وبِرُّكَ كأَمْواجِ البَحْر وكانَت ذُرِّيَّتُكَ كالرَّمْل وسُلالَةُ أَحْشائِكَ كحَصاه فلم يَنقَرِضْ ولم يَبِدِ اسمُه مِن أَمامي. اُخرُجوا مِن بابِل اُهرُبوا مِنَ الكَلْدانِيِّينَ بصَوتِ الهُتاف أَخبِروا بِهذا ونادوا بِه أَذيعوه إِلى أَقاصي الأَرض. قولوا: قدِ افتَدى الرَّبّ عَبدَه يَعْقوب.
الرسالة: (عبرانيين 6/ 9 – 7/ 3)
أَمَّا نَحنُ، أَيُّها الأَحِبَّاء، فإِنَّنا، وإِن تَكَلَّمنا هكذا، مُتَيَقِّنونَ أَنَّكم في حالٍ أَحسَن، في حالٍ تَصلُحُ لِلخَلاص، لأَنَّ اللهَ لَيسَ بِظالِمٍ فيَنْسى ما فَعَلتُموه وما أَظهَرتُم مِنَ المَحَبَّةِ مِن أَجْلِ اسمِه إِذ خَدَمتُمُ القِدِّيسين وما زِلتُم تَخدُمونَهم. وإِنَّما نَرغَبُ في أَن يُظهِرَ كُلُّ واحِدٍ مِنكُم مِثْلَ هذا الاِجتِهاد لِيَزدَهِرَ الرَّجاءُ إِلى النِّهايَة فَلا تَتَراخَوا، بل تَقتَدونَ بِالَّذينَ بِالإِيمانِ والصَّبْرِ يَرِثُونَ المَواعِد. فلَمَّا وعَدَ اللهُ إِبراهيم، لم يَكُنْ لَه أَعظَمُ مِن نَفْسِه لِيُقسِمَ به، فأَقسَمَ بِنَفْسِه قال: ((لأُبارِكَنَّكَ وأُكَثِّرَنَّكَ)). فهكذا صَبَرَ إِبراهيمُ فنالَ المَوعِد. والنَّاسُ يُقسِمونَ بِمَن هو أَعظَمُ مِنهم، واليَمينُ ضَمانٌ لَهم يُنْهي كُلَّ خِلاف. وكَذلِك الله، لَمَّا أَرادَ أَن يَدُلَّ وَرَثَةَ المَوعِدِ على ثَباتِ عَزْمِه دَلالَةً مُؤكَّدَة، تَعهَّدَ بِيَمين. وشاءَ بِهذَينِ الأَمْرَينِ الثَّابِتَين، ويَستَحيلُ أَن يَكذِبَ اللهُ فيهِما، أن نَتَشَدَّدَ تَشدُّدًا قَوِيًّا نَحنُ الَّذينَ التَجَأُوا إِلى التَّمَسُّكِ بِالرَّجاءَ المَعْروضِ علَينا. وهو لَنا مِثْلُ مِرساةٍ لِلنَّفْسِ أَمينَةٍ مَتينَةٍ تَختَرِقُ الحِجاب إِلى حَيثُ دَخَلَ يسوعُ مِن أَجْلِنا سابِقًا لَنا وصارَ عَظيمَ كَهَنَةٍ لِلأَبَدِ على رُتْبَةِ مَلكيصادَق. فإِنَّ مَلكيصادَقَ هذا هو مَلِكُ شَليم وكاهِنُ اللهِ العَلِيّ، خَرَجَ لِمُلاقاةِ إِبراهيمَ عِندَ رُجوعِه، بَعدَما كَسَرَ المُلوكَ، وبارَكَه، ولَه أَدَّى إِبراهيمُ العُشْرَ مِن كُلِّ شَيء. وتَفسيرُ اسمِه أَوَّلا مَلِكُ البِرّ، ثُمَّ مَلِكُ شَليم، أَي مَلِكُ السَّلام. ولَيسَ لَه أَبٌ ولا أُمٌّ ولا نَسَب، ولَيسَ لأَيَّامِه بِداية ولا لِحَياتِه نِهايَة، وهو على مِثالِ ابنِ الله… ويَبْقى كاهِنًا أَبَدَ الدُّهور.
الإنجيل: (يوحنّا 3/ 1-21)
وكانَ في الفِرِّيسيِّينَ رَجُلٌ اسمُه نيقوديمُس وكانَ مِن رُؤَساءِ اليَهود. فجاءَ إِلى يَسوعَ ليلاً وقالَ له: ((راِّبي، نحنُ نَعلَمُ أَنَّكَ جِئتَ مِن لَدُنِ اللهِ مُعَلِّماً، فما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يَأَتِيَ بِتِلكَ الآياتِ الَّتي تَأتي بِها أَنتَ إِلاَّ إِذا كانَ اللهُ معَه)). فأَجابَهُ يسوع: ((الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لَكَ: ما مِن أَحَدٍ يُمكِنَه أَن يَرى مَلَكوتَ الله إِلاَّ إِذا وُلِدَ مِن عَلُ)). قالَ لهُ نيقوديمُس: ((كَيفَ يُمكِنُ الإِنسانَ أَن يُولَدَ وهوَ شَيخٌ كَبير؟ أَيَستَطيعُ أَن يَعودَ إِلى بَطنِ أُمِّهِ ويُولَد؟)) أَجابَ يسوع: ((الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ: ما مِن أَحَدٍ يُمكِنَه أَن يَدخُلَ مَلَكوتَ الله إِلاَّ إِذا وُلِدَ مِنَ الماءِ والرُّوح. فَمَولودُ الجَسدِ يَكونُ جَسداً ومَولودُ الرُّوحِ يَكونُ روحاً. لا تَعْجَبْ مِن قَولي لَكَ: يَجِبُ علَيكم أَن تُولَدوا مِن عَلُ. فالرِّيحُ تَهُبُّ حَيثُ تَشاء فتَسمَعُ صَوتَها ولكنَّكَ لا تَدْري مِن أَينَ تَأتي وإِلى أَينَ تَذهَب. تِلكَ حاَلةُ كُلِّ مَولودٍ لِلُّروح)). أَجابَه نيقوديمُس: ((كيفَ يَكونُ هذا؟)) أَجابَ يسوع: ((أَأَنتَ مُعلِّمٌ في إِسرائيل وتَجهَلُ هذِه الأَشْياء؟ الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ: إنَّنا نتكلَّمُ بِما نَعلَم، ونَشهَدُ بِمَا رَأَينا ولكِنَّكُم لا تَقبَلونَ شَهادَتَنا. فإِذا كُنتُم لا تُؤمِنونَ عِندَما أُكَلِّمُكم في أُمورِ الأَرْض فكَيفَ تُؤمِنونَ إِذا كلَّمتُكُم في أُمورِ السَّماء؟ فما مِن أَحَدٍ يَصعَدُ إِلى السَّماء إِلاَّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء وهو ابنُ الإِنسان. وكما رَفَعَ مُوسى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة فكذلِكَ يَجِبُ أَن يُرفَعَ ابنُ الإِنسان لِتَكونَ بهِ الحَياةُ الأَبديَّةُ لِكُلِّ مَن يُؤمِن. فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم بل لِيُخَلَّصَ بِه العالَم مَن آمَنَ بِه لا يُدان ومَن لم يُؤمِنْ بِه فقَد دِينَ مُنذُ الآن لِأَنَّه لم يُؤمِنْ بِاسمِ ابنِ اللهِ الوَحيد. وإِنَّما الدَّينونَةُ هي أَنَّ النُّورَ جاءَ إِلى العالَم ففضَّلَ النَّاسُ الظَّلامَ على النُّور لأَنَّ أَعمالَهم كانت سَيِّئَة. فكُلُّ مَن يَعمَلُ السَّيِّئات يُبغِضُ النُّور فلا يُقبِلُ إِلى النُّور لِئَلاَّ تُفضَحَ أَعمالُه. وأَمَّا الَّذي يَعمَلُ لِلحَقّ فيُقبِلُ إِلى النُّور لِتُظهَرَ أَعمالُه وقَد صُنِعَت في الله)).
التعليقات مغلقة.