أعداد الأب زيد عادل
الأربعاء السابع من الصوم
القراءة الأولى: (تكوين 40 /1-23)
وكانَ بَعدَ هذه الأحداثِ أَنَّ ساقِيَ مَلِكِ مِصْرَ والخَبَّازَ أَجرَما إِلى سَيِّدِهِما مَلِكِ مِصْر. فسَخَطَ فِرعَونُ على كِلا خَصِيَّيه رَئيسِ السُّقاةِ ورَئيسِ الخَبَّازين، وأَوقَفَهما في بَيتِ رَئيسِ الحَرَسِ في السِّجْنِ حَيثُ كانَ يوسفُ مَسْجونًا. فأَلحَقَ رَئيسُ الحَرَسِ بِهِما يوسف فقامَ بِخِدمَتِهما، وظلاَّ مَوقوفَينِ مُدَّةً. فَرأَيا كِلاهُما حُلْمًا في لَيلَةٍ واحِدَة، كُلَّ واحِدٍ حُلْمَه (ولكُلِّ حُلْمٍ تَفْسيرُه) ساقي مَلِكِ مِصْرَ وخَبَّاُزه المَسْجونانِ في السِّجْن. فأَتاهُما يوسُفُ في الصَّباح، فإِذا هما حَزينَان. فسأَلَ خَصِيَّي فِرعَونَ اللَّذَينِ معه والمَوقوفَينِ في بَيتِ سَيِّدِه وقال: ((ما بالُ وَجهَيكُما مُكتَئِبَينِ اليَوم؟)) فقالا لَه: ((رأينا حُلْمًا، ولَيسَ لَنا مَن يُفَسِّرُه)). فقالَ لَهما يوسف: ((أَلَيسَ أَنَّ لِلّهِ التَّفْسير؟ قُصَّا عَلَيَّ)).
فقَصَّ رَئيسُ السُّقاةِ حُلمَه على يوسفَ وقالَ لَه: ((رأَيتُ كأَنَّ جَفنَةَ كَرْمٍ أَمامي، وفي الجَفنَةِ ثَلاَثةُ قُضبانٍ وكأَنِّي بِها أزهَرَت ونَما زَهرُها وأَنضَجَت عَناقيدُها عِنَباً. وكانَت كَأسُ فِرعَونَ في يَدي فأَخَذتُ العِنَبَ وعَصَرتُه في كأسِ فِرعَون وَوضَعتُ الكأسَ في يَدِه)). فقالَ لَه يوسف: ((هذا تَفْسيرُه: القُضْبانُ الثَّلاثةُ هي ثَلاثَةُ أيَّام. فبَعدَ ثَلاثةِ أيَّام يَرفَعُ فِرعَونُ رأسَكَ وَيرُدُّكَ إِلى وَظيفَتِكَ وتُناولُ فِرعَونَ كأسَه كالعادَةِ السَّابِقة حينَ كُنتَ ساقِيَه. وإِذا حَسُنَ أَمرُكَ فتَذَكَّرْني واصنَعْ إِلَيَّ رَحمَةً واَذكُرْني لَدى فِرعَونَ وأَخرِجْني مِن هذا البَيت، لأَنِّي قد خُطِفتُ مِن أَرضِ العِبْرانِيِّين، وههُنا أَيضاً وَضَعوني في السِّجْنِ مِن غيرِ أَن أَفعَلَ شيئًا)).
ولَمَّا رأَى رئيسُ الخَبَّازينَ أَنَّ التَّفْسيرَ كانَ خَيرًا، قالَ لِيُوسف: ((رأَيتُ أَنا أَيضاً في حُلْمٍ كأَنَّ ثَلاثَ سِلالٍ مِنَ الخُبزِ الأَبيَضِ على رأسي، وفي السَّلَّةِ العُلْيا مِن جَميعِ أَطعِمَةِ فِرعَون مِمَّا يَصنَعُه الخَبَّاز، والطُّيورُ تأكُلُه مِنَ السَّلَّةِ الَّتي على رأسي)). فأَجابَ يوسفُ وقال: ((هذا تَفْسيرُه: السِّلالُ الثَّلاثُ هي ثَلاَثةُ ايام. فبَعدَ ثَلاثَةِ ايام يَرفَعُ فِرعَونُ رأسَكَ فَوقًا ويُعَلِّقُكَ على خَشَبَة، فتَأكُلُ الطُّيورُ لَحمَكَ مِن علَيكَ)). فكانَ في اليَومِ الثَّالِث، يَومِ مَولدِ فِرعَون، أَنَّه صَنَعَ مأدُبَةً لِجَميعِ حاشِيَتِه، فَرفَعَ رأسَ رَئيسِ السُّقاة ورأسَ رَئيسِ الخَبَّازين بَينَ حَشَمِه. فرَدَّ رَئيسَ السُّقاةِ إِلى سِقايَتِه فوَضَعَ الكأسَ في يَدِ فِرعَون. وأَمَّا رَئيسُ الخَبَّازين فعَلَّقَه، فكانَ كُلُّ شَيءٍ بِحَسَبِ تَفْسيرِ يوسفَ لَهُما. ولم يَتَذَكَّرْ رَئيسُ السُّقاةِ يوسفَ فنَسِيَه.
الرسالة: (عبرانيين 9 /11-22)
أَمَّا المسيح فقَد جاءَ عَظيمَ كَهَنَةٍ لِلخَيراتِ المُستَقْبَلَة، و مِن خِلالِ خَيمَةٍ أَكبَرَ وأَفضَلَ لم تَصنَعْها الأَيْدي، أَي أَنَّها لَيسَت مِن هذِه الخَليقَة، دَخَلَ القُدْسَ مَرَّةً واحِدَة، لا بِدَمِ التُّيوسِ والعُجول، بل بِدَمِه، فحَصَلَ على فِداءٍ أَبَدِيّ. فإِذا كانَ دَمُ التُّيوسِ والثِّيرانِ ورَشُّ رَمادِ العِجْلَةِ يُقَدِّسانِ المُنَجَّسينَ لِتَطهُرَ أَجْسادُهم، فما أَولى دَمَ المسيحِ، الَّذي قَرَّبَ نَفْسَه إلى اللهِ بِروحٍ أَزَلِيٍّ قُرْبانًا لا عَيبَ فيه، أَن يُطَهِّرَ ضَمائِرَنا مِنَ الأَعمالِ المَيْتَة لِنَعبدَ اللهَ الحَيّ! لِذلِك هو وَسيطٌ لِعَهْدٍ جَديد، لِوَصِيَّةٍ جَديدة، حَتَّى إِذا ماتَ فِداءً لِلمَعاصِيَ المَرْتَكَبَةِ في العَهْدِ الأول، نالَ المَدعُوُّونَ الميراثَ الأَبَدِيَّ المَوعود، لأَنَّه حَيثُ تَكونُ الوَصِيَّة فلا بُدَّ أَن يَثبُتَ مَوتُ المُوصي.
فالوَصِيَّةُ لا تَصِحُّ إِلاَّ بَعدَ المَوت، لأَنَّه لا يُعمَلُ بِها ما دامَ المُوصيِ حَيًّا.وعلى ذلِكَ فإِنَّ العَهْدَ الأول لم يُبرَمْ بِغَيِر دَم، فإِنَّ موسى، بَعدَما تَلا على مَسامِعِ الشَّعْبِ جَميعَ الوَصايا كَما هي في الشَّريعَة، أَخذَ دَمَ العُجولِ والتُّيوس، مع ماءٍ وصُوفٍ قِرْمِزِيٍّ وزُوفى، ورَشَّه على السِّفْرِ عَينِه وعلى الشَّعْبِ كُلِّه وقال:((هُوَذا دَمُ العَهْدِ الَّذي عَهِدَ اللّه ُفيه إِلَيكم)). والخَيمَةُ وجَميعُ أَدَواتِ العِبادَةِ رَشَّها كذلك بِالدَّم. هذا ويَكادُ بِالدَّمِ يُطَهَّرُ كُلُّ شَيءٍ بِحَسَبِ الشَّريعَةِ، وما مِن مَغفِرَةٍ بِغَيرِ إِراقَةِ دَم.
الإنجيل: (يوحنا 12 /31-36)
الَيومَ دَينونَةُ هذا العالَم. اليَومَ يُطرَدُ سَيِّدُ هذا العالَمِ إِلى الخارِج. وأَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض، جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين)). وقالَ ذلك مُشيراً إِلى المِيتَةِ الَّتي سَيَموتُها. فأَجَابَه الجَمْع: ((نَحنُ عَرَفْنا مِنَ الشَّريعَةِ أَنَّ المَسيحَ يَبْقى لِلأَبَد. فكَيفَ تَقولُ أَنتَ إِنَّهُ لابُدَّ لابنِ الإنسانِ أَن يُرفَع. فمَنِ ابنُ الإِنسانِ هذا؟)) فقالَ لَهم يسوع: ((النُّورُ باقٍ معَكم وقتاً قليلاً، فَامشوا ما دامَ لَكُمُ النُّور، لِئَلاَّ يُدرِكَكُمُ الظَّلام. لأَنَّ الَّذي يَمْشي في الظَّلام لا يَدْري إِلى أَينَ يَسير. آمِنوا بِالنُّور، ما دام لكُمُ النُّور، لِتَصيروا أَبناءَ النُّور)). قالَ يسوعُ هذا، ثُمَّ ذهَبَ فتَوارى عَنهُم.
التعليقات مغلقة.